بدأت اليوم بشرب الشاي مرًا بلا سكر، كأنني أعيد تعريف اللذة بعيدًا عن الاعتياد. ومع كل رشفة، كنت أشعر أنني أخوض مواجهة صغيرة مع رغباتي المبرمجة. تجاهلت الهاتف طوال اليوم، ليس كرفض للآخرين، بل كمحاولة للتمرد على الاعتماد المفرط على مصادر السعادة السطحية، وعلى التعلق بعالم افتراضي يغذي احتياجاتنا دون أن يرويها حقًا.
بدأت الأصوات الداخلية ترتفع من خلف أسوار الصمت ، كما لو أنني أفسحت لها المجال لتتحدث دون قيود. تلك الأصوات التي كنت أهرب منها غالبًا بصخب الحياة. وعندما تحدثت أخيرًا، رفعت صوتي عن عمد، رغم أن الصوت العالي يزعجني دائمًا. أردت أن أفهم لماذا يستفزني الصوت العالي في الآخرين؟ هل هو التوتر الذي يحمله، أم شيئا آخر
قررت أن أتخلى عن اللغة الفصحى التي تمثل لي ملاذًا فكريًا، ولجأت إلى كلمات بسيطة. بدا وكأن الأفكار تتضاءل حين تُسجن في تعبير سطحي. شعرت وكأنني أقتل عمقًا في داخلي. أما الأسوأ فهو أنني تبنيت آراءً تتناقض تمامًا مع قناعاتي، كنت أجرب الكذب الواعي على نفسي. فتساءلت: هل خداع الذات أهون من خداع الآخرين؟
وفي نهاية اليوم، عندما ذهبت إلى الفراش، تركت النور مضاءً، تحديًا لتعودي على النوم في الظلام . كان النور ساطعًا بشكل مزعج، لكنني أردت اختبار حدود احتمالي .
أكتب تعليقك هتا