أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

نموذج مقترح لإدارة الأزمات من التعليم العالي بالمملكة العربيه السعودية دراسة نظرية تحليليه

الأهداف

  1. -دراسة مفهوم الازمه.
  2.  تحديد مفهوم ادارة الازمات.
  3.  توضيح ابرز سمات الازمه.
  4.  تحديد الخصائص الإدارية للازمه.
  5.  تحديد اهم الفروق بين الأزمة والكارثة.
  6.  تحديد أهم أسباب وقوع الأزمات.
  7.  التعريف بمراحل تطور الازمه.
  8.  توضيح ابرز مظاهر الشعور بالازمة.
  9.  تصنيف الازمات.
  10.  تحديد اهم عوامل النجاح في التعامل مع الأزمات.
  11.  تحديد خطوات التعامل الإداري مع الازمه.
  12.  طرح النموذج الإسلامي لإدارة الأزمـــات.
  13.  تقديم الخطوات الإجرائية للتعامــل مع الأزمة.

مقدمـــة

يشهد العالم المعاصر جملة من الأزمات والأحداث تتسم بالتنوع والسرعة وعنصر المفاجأة، حيث تحفل ميادين الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بجملة من الازمات المتلاحقة التي تقف عائقا في طريق النمو والتقدم للافراد والمجتمعات، ولايكاد يوجد بقعة في هذه الأرض لم تمتد اليها آثار الأزمات والكوارث حيث تتناقل وسائل الاعلام اخبار الازمات والكوارث بشكل يومي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية.

وتظهر مع ظهور الأزمات جوانب من عزيمة واصرارالانسان على التعايش مع هذا الكون وتسخير معطياته لخدمة وتيسير حياته كونه خليفة الله في ارضه قال تعالى ( واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة) ومع ذلك التكليف بالاستخلاف سخر الخالق سبحانه وتعالى موجودات الطبيعة لمساعدة الانسان في تحقيق أهداف هذا الاستخلاف والقيام باعباءه.

وبذلك فان الازمة طبيعة ملازمة للحياة حيث يصف احد الكتاب الازمة بقوله ان "عالم الازمات جزء منا ونحن جزء منه وان اعترافنا بضرورة الازمة يتطلب ان نكون اكثر حضورا في وعينا وفكرنا واداراتنا حتى نؤثر في مجرياتها ونتجنب مخاطرها ونستفيد من ايجابياتها فان الازمات تمثل معالم الطريق الذي عبرت من خلاله الانسانية وشيدت حضاراتها فلم تكن الازمات كلها شرا مستطيرا بل كانت بواعث لنهضة علمية وفكرية اثرت المعرفة الانسانية وساعدت على تطورها "(الخضيري،د ت،ص6)

وبرغم ان الأزمات قد لازمت الإنسان من وجوده على ظهر البسيطة الا انها تتفاوت في شدتها ووقعها عليه، كما تتفاوت استجابته نحوها بقدر أثارها وحجمها حيث يسعى الإنسان بكل مااوتي من طاقات وقدرات الى تقليل اثر الأزمة والسيطرة عليها باستخدام كافة الوسائل الممكنه كي يواصل مسيرة الحياة.

وتعتبر الازمة تعبيرا واضحا على صعوبة الحياة الدنيا ومشقتها وانها دار ابتلاء واختبار قال تعالى (ونبلوكم بالخير والشر فتنة ) وقال سبحانه (لقد خلقنا الانسان في كبد)

وبرغم حجم الدمار الهائل الذي قد تحدثه الازمات الا ان عزيمة الانسان واصراره اثبتت قدرتها على مواجهة اعتى الازمات ومكنته من الاستمرار في ركب الحياة حيث يكتشف في كل مرة تقع فيها الازمة او الكارثة اساليب جديدة للتعامل معها ويوقم في ذات الوقت بتطوير تلك الاساليب وترقيتها الى اقصى درجات الكفاءة في مواجهة الازمات ومن اوضح الادلة على ذلك ماتوصل اليه علماء الزلالزل والبراكين في اليابان من اجهزة الانذار المبكر عن وقوع الزلازل والبراكين الامر الذي مكن الحكومة والشعب من اتخاذ الاحتياطات الازمة مما اسهم في تقليل حجم الخسائر في الارواح والممتلكات.

وفي هذه الصفحات سنعرض جوانب مهمة في ادارة الازمات والتعامل معها مدعومة بالرؤية الشرعية والتوجيهات الاسلامية في مواجهة الكوارث والازمات حيث تساعد هذه الرؤية في تجاوز الازمات الشديدة المتلاحقة التي تعصف بالمجتمعات والشعوب الاسلامية في العصر الحديث.

مناهج تشخيص الأزمات

يُعدّ التشخيص السليم للأزمات هو مفتاح التعامل معها، وبدون هذا التشخيص السليم يصبح التعامل مع الأزمات ارتجالاً، وأساس التشخيص السليم هو وفرة المعلومات، المعرفة، الخبرة والممارسة. ومن هنا فإن مهمة التشخيص الدقيق لا تنصرف فقط إلى معرفة أسباب وبواعث نشوء الأزمة، والعوامل التي ساعدت عليها، ولكن بالضرورة إلى تحديد كيفية معالجتها، ومتى وأين تتم معالجة الأزمة، ومن يتولى أمر التعامل معها، وما تحتاجه عملية إدارة الأزمة من معلومات واتصالات وأدوات مساندة، وسيناريوهات اساسية وبديلة للتعامل مع الأحداث الأزموية ووقف تصاعدها، واحتوائها وامتصاص الضغط الأزموي المتحذفحذفحذف عنها ... إلخ.
فالأزمة تعد بمثابة مرض فجائي أصاب إنساناً معيناً ويهدد حياته ويحتاج إلى:
  •  معالجة سريعة.
  •  معالجة حاسمة.
  •  شفاء المريض.
ولن نستطيع تحقيق أي من هذه الأهداف دون تشخيص حالة المريض، ليس فقط لمعرفة ما هو المرض الذي أصابه، ولكن أيضاً لمعرفة مدى قدرة المريض على تحمل العلاج المقترح، والبدائل المناسبة للتعامل مع الحالة المرضية على أقصى درجة من السرعة، والدقة، والكفاءة وهي أمور كلها تمارس تحت ضغط الأزمة الرهيب.

ويستخدم في تشخيص الأزمات عدة مناهج أساسية وفيما يلي عرض لكل منها بإيجاز:

1- المنهج الوصفي التحليلي:

يقوم هذا المنهج على تحديد مظاهر الأزمة وملامحها العامة والنتائج التي أفرزتها وتأثيرها على الوضع العام في الدولة. وينتهي هذا المنهج بتوصيف الأزمة وعرض أبعادها وجوانبها والمرحلة التي وصلت إليها والتداعيات التي قد تصل إليها.

2- المنهج التاريخي لتشخيص الأزمات:

يعمل هذا المنهج وفقاً لنظرية أن أي أزمة من الأزمات لا تنشأ فجأة وليست وليدة اللحظة، ولكنها نتاج تفاعل أسباب وعوامل نشأت قبل ظهور الأزمة تاريخياً، ومن هنا فإن أي تعامل مع هذه الأزمة يجب أن يبنى اساساً على معرفة كاملة بالماضي التاريخي وكيفية تطورها، فالتعمق في تشخيص الأزمة، وردها إلى أصولها التاريخية الحقيقية هو المقدمة الضرورية لطرح المعالجة وأدوية العلاج.

على سبيل المثال أن "حرب الأيام الستة" عام 1967، وما أحدثته من نتائج وإفرازات لا يمكن أن يتم دراستها بشكل علمي دقيق دون البدء بالتتبع التاريخي لمحذفحذفحذفها منذ قيام ثورة 23 تموز 1952 وأزمة الأحلاف العسكرية، وأزمة كسر احتكار السلاح، وأزمة سحب العرض الغربي لتمويل السد العالي والمساهمة في بنائه – وأزمة تأميم قناة السويس – وأزمة الوحدة المصرية السورية – وأزمة حرب اليمن – وأزمة التنمية الإقتصادية والإستقلال الإقتصادي – وأزمة الحصار الإقتصادي الذي فرض على الجمهورية المتحدة "مصر". وهي جميعاً محطات واضحة في تاريخ الصراع الأزموي بين إدارة الأزمة وصناع الأزمة، حتى بلغت ذروتها في أزمة "حرب 1967".

3- منهج الدراسات المقارنة لتشخيص الأزمات:

ويقوم هذا المنهج على دراسة الأزمات التي تمت في الماضي ومقارنتها موضوعياً بالأزمات التي نواجهها في الحاضر، ومن خلال الدراسة المقارنة يتبين أوجه الإتفاق، وأوجه الإختلاف، ومن ثم يتم تجربة استخدام العلاج فيما اتفق ونجح في الماضي، واستحداث علاج فيما اختلف في الحاضر.

وأساس المقارنة وفقاً لهذا المنهج قد يكون أحد الأسس التالية:
  •  مقارنة زمانية تاريخية
  •  مقارنة مكانية جغرافية.
  •  مقارنة نشاطية يتصل بالنشاط الذي حدثت به الأزمة.
  •  مقارنة من حيث الحجم الذي بلغته الأزمة أو الشدة التي وصلت إليها .

مفهوم الأزمة

ورد في قاموس مختار الصحاح إن الأزمة تعني الشدة والقحط وتأزم الأمر إذا اشتد وصعب على أهله.
وفي القواميس العربية المتخصصة في مجالات وعلوم السياسة والاقتصاد والاجتماع تعرف الازمة بأنها " نقطة تحول وحالة متوترة للانتقال" (اليحا،1996م،ص1).

المؤتمر العلمي الرابع للريادة والابداع ادارة الازمات في ظل العولمة مفاضلة بين الحركية الخطية والحركية اللاخطية ا د عاصم الاعرج جامعة فلادلفيا الا ردن 200 عرفت الازمة باللغة اليونانية القديمة بkipvew بمعنى لتقرر في مضمون ما قد يؤدي اليه مرض مستعصي من موت اوشفاء اما في اللغة الصينية فعرفت الازمة بwet-ji أي الخطر والفرصه وعرفها Bieber,1988 بانها حالة تحول في اوضاع مستقرة يمكن ان تقود الى نتائج سلبية اذا لم تعتمد اساليب جديدة لاحتواءها .

وعرف milburn,1983 ادارة الازمات ايضا بانها التعامل الفعال أيضا التعامل الفعال للقياده مع جانبي الازمه السلبي والايجابي عن طريق العمل من اجل تقليل المخاطره والخساره المحتمله وعن طريق اغتنام الفرص لتحقيق الربحية.

وهذا التعريف يظهر بوضوح امكانية تحويل الازمه الى فرص حقيقية لتحقيق اهداف ايجابيه .

فالأزمة إذن هي خلل مفاجئ يحدث نتيجة لأوضاع غير مستقرة تتضمن انفصام يعلن الانتقال الحتمي من حالة لأخرى، او هي تهديدا خطرا أو غير متوقع لأهداف او قيــم او معتقدات او ممتلكــــات الأفراد او المنظمات او الدول والتي تحد من عملية اتخاذ القرار.

ويمكن القول ان مفهوم الازمة يعكس فن السيطرة على الموقف الطارئ من خلال التنبؤ بالأزمات واستشعار ورصد المتغيرات الداخلية او الخارجية المولدة لها ، وتعبئة الموارد المتاحة ورفع كفاءة وقدرة نظام صنع القرارات لمواجهتها والتقليل من الخسائر الى الحد الادنى .

وتختلف عملية إدارة الأزمات عن الإدارة بالأزمات، اذ ان الأخيرة هي إجراء متعمد يهدف الى توقف او انقطاع نشاط من الأنشطة وزعزعة استقرار بعض الأوضاع بهدف إحداث شيء من التغيير الجبري في ذلك النشاط لصالح مدبره, فهي عملية خلق الأزمات لتحقيق الأهداف.

ولقد برع الصينيون في نحت مصطلح الأزمة، اذ ينطقونه wet-gi وهي عبارة عن كلمتين الأولى تدل على الخطر اما الأخرى فهي تدل على الفرصة التي يمكن استثمارها، وتمكن براعة القيادة في تصور إمكانية تحويل الأزمات وما تحمله من مخاطر الى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة (الأحمدي، 1414هـ، ص186).
تختلف النظرة في تعريف الأزمات جملة إلا أن ما يهمنا هو تفصيل الحديث عنها في المؤسسات التربوية

وقبل أن ننطلق في حديثنا عن الأزمات لننقض مفهوماً سائداً لدى بعض المؤسسات التربوية والدعوية بشكل عام، من أن المؤسسات التربوية إنما هي تجارب أفراد وجماعات قائمة على الجانب الاحتسابي، بمعنى لا بأس أن يكون هناك درجة من التسيب والانسياب على مبدأ " ما على المحسنين من سبيل"، والواجب عكس ذلك بأن ننظر إلى الجانب الاحتسابي من زاوية أخرى فلا بد فيه من الديمومة والإتقان فهي الأحب إلى اللـه - جل وعلا - ـ، ومؤشر لجدية وصدق صاحب ذلك العمل.

ونعرف الأزمة فنقول: "هي فترة حرجة أو حالة غير مستقرة يترتب عليها حدوث نتيجة مؤثرة".
وبهذا التعريف آسف أسفاً شديداً إذا قلت إن النتيجة المؤثرة في جزء من مؤسساتنا التربوية هي السلب لا الإيجاب، والإدارة للأزمات أكثر منه الإدارة بالأزمات.

* سمات الازمة

سبقت الإشارة الى ان كل علم من العلوم الاجتماعية او الطبيعية يدرس الأزمة من زاوية اهتمامه، وفي ضوء المسلمات والنماذج الإرشادية paradigmr التي يعتمد عليها، من هنا تعددت وتنوعت محاولات تحديد مفهوم الازمة، ولكن رغم هذا التعدد الا ان هناك سمات او خصائص عامة متفق عليها بين الباحثين فيما يتعلق بالازمة نوجزها في :
  1.  المفاجأة، فهي حدث غير متوقع حدث سريع وغامض.او موقف مفاجئ ، حيث تقع الاحداث الخالقة للازمة على نحو يفاجئ صانع القرار.
  2.  جسامة التهديد، والذي قد يؤدي الى خسائر مادية او بشرية هائلة تهدد الاستقرار وتصل احيانا الى القضاء على كيان المنظمة.
  3.  انها مربكة، فهي تهدد الافتراضات الرئيسية التي يقوم عليها النظام، وتخلق حالة من حالات القلق والتوتر، وعدم اليقين في البدائل المتاحة، خاصة في ظل نقص المعلومات الامر الذي يضاعف من صعوبة اتخاذ القرار، ويجعل من أي قرار ينطوي على قدر من المخاطرة.
  4.  ضيق الوقت المتاح لمواجهة الازمة، فالأحداث تقع وتتصاعد بشكل متسارع وربما حاد، الامر الذي يفقد اطراف الازمة، احيانا القدرة على السيطرة في الموقف واستيعابه جيدا، حيث لابد من تركيز الجهود لاتخاذ قرارات حاسمة وسريعة في وقت يتسم بالضيق والضغط.
  5.  تعدد الأطراف والقوى المؤثرة في حدوث الأزمة وتطورها، وتعارض مصالحها، مما يخلق صعوبات جمة في السيطرة على الموقف وإدارته، وبعض هذه الصعوبات إدارية او مادية او بشرية او سياسية او بيئية الخ.

الخصائص الإدارية للازمه

  1.  انها عملية (ادارة خاصة) تتمثل في مجموعة من الاجراءات الاستثنائية تتجاوز الوصف الوظيفي المعتاد للمهام الادارية.
  2.  انها تتضمن استجابات استراتيجية لمواقف الازمات.
  3.  انها تدار بواسطة مجموعة من القدرات الادارية المدربة تدريبا جيدا في مجال مواجهتها.
  4. انها تهدف الى التقليل من الخسائر الى الحد الادنى.
  5.  انها عملية ادارية تستخدم الاسلوب العلمي في اتخاذ القرار(عبدالرحمن،1414هـ،ص6).

ومن تلك الخصائص يتضح ان الأزمة لايمكن ان تخضع لتنظيم اداري محدد وذو طبيعة وظيفية منظمة فان أحداثها مربكه ومتسارعه وغير مرتبة مما يعني ان الإجراءات الادارية المتخذة فيها قد لاتكون ضمن نطاق الصلاحية او الوصف الوظيفي ومهام الاعمال المعتاده في الحالات العادية، وبذلك تظل السمات الشخصية والقيادية لافراد التنظيم هي المحدد الاداري الاكثر وضوحا وبروزا من التنظيم البيروقراطي المعتاد.

6. الفرق بين الأزمة والكارثـــه
  • الكارثـــة
  • الازمـــــة
  • عنصر المقارنة
  • كامــــله
  • تصاعديه
  • المفاجأة
  • بشرية ومادية كبيره
  • معنوية وربما بشرية وماديه
  • الخسائر
  • طبيعية واحيانا انسانيه
  • انسانية
  • الاسباب
  • صعبة التنبؤ
  • ممكنة التنبؤ
  • التنبؤ بوقوعها
  • يتفاوت الضغط تبعا لنوع الكارثه
  • ضغط وتوتر كبير
  • الضغط على متخذ القرار
  • غالبا....ومعلنه
  • احيانا... وبسريه
  • المعنويات والدعم
  • محلية واقليمية ودوليه
  • داخلية
  • انظمة وتعليمات المواجهه
(المصدر :الشعلان ، 1423هـ،ص39)

اسباب الأزمات

اورد (الخضيري، ص27) مجموعة من الاسباب التي تنشأ من خلالها الأزمات ومنها:
  1.  سوء الفهم الناتج عن المعلومات المبتورة والتسرع في اتخاذ القرارات.
  2.  سوء الادراك وضعف استيعاب المعلومات .
  3.  سوء التقدير او التقييم بسبب الافراط في الثقة وسوء تقدير قوة الطرف الاخر والاستخفاف به والتقليل من شأنه.
  4.  الادارة العشوائية او الادارة بدون أهداف.
  5.  الرغبة في التسلط والابتزاز واستعراض القوة.
  6.  اليأس والانهزامية.
  7.  الاشاعات الكاذبه.
  8.  تعارض الاهداف والمصالح.

ولعدم القدرة على إدارة الأزمات أسباباً أوجزها في ما يلي:

1- ضعف الكفاءة القيادية:

فقد يكون المربي أيا كان داعيةً أو طالب علم مجداً أيام الرخاء، وقد يؤتى من قبل نفسه، فيفتي في جميع ما يسأل كأنه جمل مغتلم!.
ويضرب أخماساً بأسداس في قضايا ربما سكت عنها الكبار، وسرعان ما تتلاشى تلك الأيام فقط بلحظات الشدة،
وقد أحسن الشيخ ناصر العمر حين أبدع في أحد أطروحاته فعنون قائلاً: إن مناهج الرخاء لا تخرج قادة الأزماتhttp://www.albayan-magazine.com/conversations/conv-14.htm

فالقيادة ليس كما نخطئ في تقديرنا لها بأنها المغامرة والجرأة، وعلى المثل الإنجليزي "أنا قائدكم، دلوني على الطريق! "، بل هي الإخلاص والتجربة وسعة الأفق والاستشارة والتفاؤل والعمل بروح الفريق، وأهمها الصبر والقدرة على التحمل.

فإقامة البرامج والرحلات وإلقاء الدروس والمحاضرات والترفيه بأنواعه إدارة للعمل، وليس للأزمة، فالكل يحسن العمل، ولكن من يحسن البعد الحقيقي للقيادة والذي هو إدارة للأزمة، وليس للعمل مع أهميته، فالنهوض بمؤسسة من المؤسسات التربوية على أسس ودعائم قوية خلال فترة وجيزة يعد خروجاً من الأزمة.

كما أن الإسهام في علاج حساسية يعيشها بعض أفراد المؤسسة وجعل الجميع على قلب رجل واحد يعد خروجاً من الأزمة، وهذا أمثلة بسيطة في هذا المجال، وإلا فكتب السيرة والتاريخ مليئة بذلك، منها موقف الإمام أحمد في فتنة خلق القرآن، وموقف أبي بكر في حرب الردة، بل إن هذين الموقفين عدهما البعض من المواقف التي اعتزت بها أمة الإسلام، وما لدى القارئ من الأمثلة أكثر.

2- الفردية وعدم الاستشارة:

في أزماتنا نميل إلى القرارات المستعجلة التي تمتاز بتأزمها، فكل قرار نتخذه أحياناً يعد أزمة بحد ذاته، والعجيب "أننا لا نطمس الأزمة والمشكلة بل نمحو معالمها".
فعلى سبيل المثال: بدل أن نوجد الحلول لأزمة نعيشها ربما نلجئ إلى أشخاص غير مرغوب بهم سابقاً، فنحول الأزمة التي لهم إلى أزمة عليهم!.
ومن الأمثلة أننا قد نلجئ إلى محاكاة الآخرين في اتخاذ القرارات دون تهيئ للظروف أو الأجواء المناسبة لذلك، فمنهج الرخاء في بيئة يعد منهج شدة عند آخرين إن لم يكن استبداداً! وقل مثل ذلك في باقي الطرق والوسائل.

3- عدم إيجاد البديل المناسب:

كثيراً ما تعجبني فراسة بعض المربين، فقد يحاسب أحد أفراد المؤسسة عندما يلحظ منه تأخراً أو قصوراً، وربما رحمه فقسى عليه، بينما يدع الباب مفتوحاً لغيره، لعلمه بأن غيره حاضرٌ بقلبه لا ببدنه، حبسه العذر!.

ومن الطريف سوق موقف لحظته في بعض دورات تحفيظ القرآن الصيفية التي تكون على فترتين للحفظ والمراجعة، فيلزم البعض بالحضور لفترتين، ولو أتي بالمقدار المطلوب في فترة واحدة، خشية أن يفتح الباب للغير فيتساهل!.

ولا أقصد من هذه الصورة السابقة العناية بتفاصيلها، بالقدر الذي أهدفه من الاهتمام بها كحالة ونموذج نمر أو مررنا به في عدم إيجاد البدائل المناسبة، أو على الأقل المرونة في التعامل مع تلك المواقف.

وهذه الصورة السابقة تذكرني بإصرار بعض المؤسسات على بعض الأفراد بالحضور عصراً أما لحفظ القرآن، أو لحضور لقاء تربوي أو غيره، دون توفير للبديل المناسب لمن علم منه جديته بإيجاد مكان آخر له، أو التواصل معه في وقت آخر، لا أن نسلك مسلكاً تعسفياً باللوم والتقريع من عدة أفراد لكي يعلم خطورة الانحراف الخطير الذي يعيشه، ولو كان تقصيره هذا ربما لارتباطه بأسرته، أو لتوفيره لقمة العيش لنفسه.

4- ضيق الأفق:

بحسب بعض الإحصائيات التي يذكرها المختصين فإن نسبة الشباب في المجتمع السعودي تشكل النصف على أقل تقدير، بمعنى أن هذا العدد كما يذكر آخرون سيندثر بلا شك بعد سنوات، فهم يميلون وبجدية إلى الحرص والعناية بهم والاهتمام بطاقاتهم وقدراتهم، وفي هذا دلالة واضحة على سعة أفق، وبعد نظر يعيشه هؤلاء المختصين.
وبتزيل هذه الصورة السابقة على واقع مؤسساتنا التربوية نجد من يميل إلى التفاخر لحظة وجود إمكانات وطاقات من القدوات والكبار، ولا لكننا لا ننظر ماذا سيكون الحال بعد سنوات قليلة، ولا أقول بعيدة،

لماذا؟

لأننا من خلال الواقع أدركنا بعض الأحبة تعرض لهم من الظروف ما تجعلهم يفكر وبجدية في الاعتذار والانقطاع عن المؤسسة، فالأول صدر تعيينه معلماً تربوياً في منطقة نائية جداً وسيبقى على أقل تقدير سنتين هناك، والثاني أصبح قاضياً شرعياً في أحد المناطق وزد على السنتين أربعاً، والثالث يحضر لدراساته العليا، وقس على ذلك باقي القادة والمربين داخل تلك المؤسسة.
وجميعنا يعلم أن الابتعاد سنة أو سنتين داخل المؤسسة له تأثيره على المؤسسة والعمل التربوي فيها.
فهل من المستبعد أن تفقد المؤسسة أكثر من نصف طاقمها المميز بين عشية وضحاها؟!
إنني لا أستبعد حصول الأمثلة السابقة في آنٍ واحد، وقد تحدث الكوارث والأزمات إن لم يكن هناك مربون من الدرجة الثانية يقومون بما يجب.
ولعل من أخطر ما تمر به بعض مؤسساتنا التربوية أن يكون المربون فيها في مصاف الدرجة الأولى فقط، وليس هناك درجة ثانية أو ثالثة.
وما أجمل المنهج العُمَري: مات الكاتب والسلام! أقولها: شحذاً للهمة لا غير. الاعرج عصام

مراحل تطور الازمه

تمر الازمة بعدة مراحل حتى تتكمل قوتها وتحدث اثرا تدميريا معينا ويمكن تحديد تلك المراحل فيما يلي :
  1.  مرحلة الميلاد : وفيها تبدا الازمة بالظهور لاول مرة على شكل احساس مبهم بوجود شئ ما يلوح في الافق وينذر بقرب وقوع خطر مجهول المعلم والاتجاه والحجم . ان الازمة لاتنشأ غالبامن فراغ وانما هي نتيجة لمشكلة مالم تتم معالجتها بالشكل الملائم ومن هنا يأتي دور متخذ القرار في تنفيس الازمة وافقادها مرتكزات النمو ثم تجميدها او القضاء عليها وهي وليدة دون ادنى خسائر مادية او بشرية وقبل وصولها الى مرحلة الصدام .
  2.  مرحلة النمو والاتساع :كنتيجة للمرحلة الاولى وعدم معالجتها في الوقت المناسب فان الازمة تنمو وتدخل في الاتساع حيث يغذيها محفزات ذاتية مستمدة من ذات الازمة وكذا محفزات خارجية استقطبتها الازمة وتفاعلت معها وبها .
  3.  مرحلة النضج: وتعتبر من اخطر واصعب مراحل الازمة ويندر ان تصل الازمةالى هذه المرحلة الا اذا قوبلت باللامبالاة من قبل متخذ القرار في مراحلها الاولى ومتى ماوصلت الازمةالى هذه المرحلة فان الصدام لامفر منه .
  4.  مرحلة الانحسار: والتقلص وتبدا الازمة بالانحسار والتقلص بعد الصدام العنيف الذي يفقدها جزءا هاما من القوة وهناك بعض الازمات تتجدد لها قوة دفع جديدة عندما يفشل الصراع في تحقيق اهدافه .
  5.  مرحلة الاختفاء: وفيها تصل الازمة الى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل كامل قوة الدفع المولدة لها او لعناصرها حيث تتلاشى مظاهرها وينتهي الاهتمام بها ويغيب الحديث عنها الا عندما يذكر التاريخ ولايغيب عن البال ضرورة الاستفادة من دروس الازمة وتلافي ماحدث من السلبيات المصاحبة لها مستقبلا .

مظاهر الشعور بالأزمات

تحدث للانسان مجموعة من التغيرات الوظيفية للجسم عند شعوره بالفزع والرعب ذكر منها الاطباء :
  1.  زيادة ضغط الدم وسرعة دقات القلب فترتفع من 72-150 نبضة في الدقيقه.
  2.  زيادة سرعة التنفس.
  3.  اتساع حدقة العين.
  4.  ازدياد افرازات الغدد العرقيه .
  5.  جفاف الفم بحيث يجد الانسان صعوبة في بلع ريقه.
  6.  ارتفاع مستوى السكر في الدم.
  7.  ازدياد سرعة تجلط الدم.
  8.  اضطراب حركة الجهاز الهضمي.
  9.  انتصاب الشعر على الجلد.
  10.  توتر وارتعاش العضلات.
  11.  زيادة نسبة الأملاح ونسبة التبول بسبب تغير وظائف الكليه.
  12. ارتفاع نشاط الغدد التي تفرز هرمون الأدرينالين.

تصنيف الأزمات

لايوجد تصنيف متفق عليه بين المهتمين بدراسة الازمات حيث ينظر كل منهم الى زاوية معينة يمكن تصنيف الازمات من خلالها ولاشك ان الادارة السليمة للأزمة هي تحديد طبيعة او نوع الازمة crisis type، لكن تحديد نوع الازمة ليس عملية سهلة، لأن الازمة، أي ازمة، بحكم طبيعتها تنطوي على عدة جوانب متشابكة ادارية واقتصادية وانسانية وجغرافية وسياسية، وبالتالي تتعدد وتتنوع التصنيفات بتعدد المعايير المستخدمة في عملية تحديد انواع الازمات.

ومن اشهر تصنيفات الازمة مااورده (عزالدين، ص27) و(الصباغ ، ص1997م، ص7) و(الخضيري، ص48) من تصنيفات يتضح من خلالها مجموعة من المعايير التي يتم تصنيف الازمات من خلالها ومنها مايلي :

  •  نوع ومضمون الازمة:

فهناك ازمة تقع في المجال الاقتصادي او السياسي إلخ، ووفق هذا المعيار قد تظهر ازمة بيئية، او ازمة سياسية، او ازمة اجتماعية، او ازمة اعلامية، او ازمة اقتصادية، وفي داخل كل نوع قد تظهر تصنيفات فرعية مثل الازمة المالية ضمن الازمة الاقتصادية، وهكذا.

  • النطاق الجغرافي للازمة:

ان استخدام معيار جغرافي يؤدي الى ما يعرف: بالازمات المحلية التي تقع في نطاق جغرافي محدود او ضيق، كما يحدث في بعض المدن او المحافظات البعيدة كانهيار جسر او حادث قطار.
ثم هناك ازمات قومية عامة تؤثر في المجتمع ككل كالتلوث البيئي او وجود تهديد عسكري من عدو خارجي.
واخيرا ثمة ازمات دولية كأزمة كوسوفا، او أزمة الانحباس الحراري او ازمة الحاسوب ونظم المعلومات مع الالفية الثالثة:

  •  حجم الأزمة:

يشيع معيار الحجم او الضخامة في تصنيف الأزمات فهناك:
  1.  ازمة صغيرة او محدودة تقع داخل احدى منظمات او مؤسسات المجتمع.
  2.  أزمة متوسطة.
  3.  أزمة كبيرة.
ويعتمد معيار الحجم او الضخامة على معايير مادية كالخسائر والأضرار الناجمة عن أزمة المرور او تعطل في توليد الطاقة الكهربائية, ثم هناك في كل ازمة معايير معنوية كالاضرار والآثار التي لحقت بالرأي العام وبصورة المجتمع او المؤسسة التي تعرضت للازمة.

  •  المدى الزمني لظهور وتأثير الازمة:

يعتمد هذا المعيار على عمر الازمة، في هذا الاطار هناك نوعان من الازمات:
  1.  الازمة الانفجارية السريعة: وتحدث عادة فجأة وبسرعة، كما تختفي ايضا بسرعة!! وتتوقف نتائج هذه الأزمات على الكفاءة في ادارة الازمة، والتعلم منها مثال: اندلاع حريق ضخم في مصنع لانتاج المواد الكيماوية .
  2.  الازمة البطيئة الطويلة: تتطور هذه الأزمة بالتدرج، وتظهر على السطح رغم كثرة الإشارات التي صدرت عنها، لكن المسؤولين لم يتمكنوا من استيعاب دلالات هذه الإشارات والتعامل معها, ولا تختفي هذه الأزمة سريعا، بل قد تهدد المجتمع لعدة ايام، من هنا لابد من تعديل الخطة الموجودة لمواجهة الازمة او وضع خطة جديدة، والتعامل مع الأزمة في سرعة وحسم وبلا تردد، فكل دقيقة لها قيمة, وفي كل دقيقة ستواجه بتحديات وضغوط من رؤسائك، ومن الجمهور، بل ومن بعض وسائل الاعلام المحلية او الاجنبية, لكن كل هذه التحديات قد تكون فرصة لاختبار مدى قدرة فريق الازمة على التصرف، كما قد تكون فرصة امام العاملين لإثبات تماسكهم ووحدتهم, مثال: وجود مشكلات بين العاملين والادارة حول ساعات العمل والاجر الاضافي وظروف العمل,, والدخول في مفاوضات بين الطرفين,, وفشل المفاوضات.

  •  طبيعة التهديدات التي تخلق الازمة:

تختلف التهديدات التي تواجه المنظمة او المجتمع، وبالتالي يمكن تصنيف الازمات استنادا الى نوعية ومضمون التهديد، فهناك تهديدات خارجية موجه ضد المعلومات، ومجموعة متعلقة بالاعطال والفشل، وتهديد خارجي موجه ضد اقتصاد المنظمة، والخسائر الفادحة، وتهديدات نفسية، والامراض المهنية.

  •  أسباب الأزمات:

اعتمادا على الأسباب المؤدية للازمات يمكن تقسيمها إلى:
  1.  ازمات تظهر نتيجة تصرف او عدم تصرف المنظمة وتتضمن الاخطاء الادارية والفنية او الفشل في تحقيق اساليب العمليات المعيارية.
  2.  الأزمات الناتجة عن الاتجاهات العامة في البيئة الخارجية.
  3.  الأزمات الناتجة من خارج المنظمة وليس للمنظمة أي سبب في حدوثها.
  4.  الازمات الناتجة عن الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزلازل والبراكين

  •  طبيعة اطراف الازمة:

استنادا إلى طبيعة الطرف او الاطراف المنخرطة في الازمة او تأثيرها على الدولة يمكن التمييز بين الازمات الداخلية والازمات الخارجية، فاذا تعلق الامر بأحد جوانب السيادة الخارجية للدولة او انخرط طرف خارجي في الموقف كانت الازمة دولية خارجية كما هو الحال في النزاعات البرية والجوية والحروب والتهديد باستخدام القوة العسكرية، وقطع العلاقات الدبلوماسية، ,, الخ، اما اذا ارتبط الامر بتفاعلات القوى السياسية والمجتمعية في الداخل كانت الازمة داخلية وفي اطار الازمات الخارجية فإن التصنيف الاكثر للاهمية الازمات هو ذلك التمييز بين الازمة منخفضة الحدة والازمة ذات الطابع الاستراتيجي او الهيكلي.

والازمة الدولية الاستراتيجية هي موقف تدهور خطير في عناصر البيئة الداخلية او الخارجية لأطراف الازمة يمثل تهديدا للقيم والاهداف الرئيسية للدولة، وقد يصاحبه احتمالات كبيرة لاستخدام القوة العسكرية الشاملة، مع وجود وقت محدود لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن هذا التدهور او التهديد الخطير.

وتنطوي التصنيفات السابقة على قدر كبير من التداخل، كما ان أي تصنيف منها لا يستطيع ان يحيط بكل جوانب الازمة، من هنا انتشر بين الباحثين والخبراء استخدام اكثر من معيار لتحديد انواع الازمات وهو ما يعرف بالمعيار المركب الذي يدخل في اعتباره اكثر من معيار.

ولاشك ان المعيار المركب هو الاكثر ملاءمة للتعامل مع الأزمات سواء في مرحلة التخطيط للوقاية من الازمة او مرحلة احتواء أضرارها، فالأزمة ايا كانت طبيعتها ومجالاتها تؤثر في المجتمع ككل، فقد تحدث أزمة في قرية بعيدة لكنها تؤثر في المجتمع ككل، كذلك فان الأزمة المالية مثلا لا تؤثر في النظام الاقتصادي فقط، بل تؤثر في المجتمع ككل، وبالتالي ينبغي التعامل مع أي أزمة إعلاميا من منظور مجتمعي شامل، وثمة اتفاق بين الخبراء والباحثين على هذا المنظور الذي عكس نفسه في تركيب فريق ادارة الأزمة حيث يتكون الفريق من خبراء ومتخصصين من كافة المجالات ذات العلاقة بالازمة

مما سبق تظهر اوجه التكامل والتداخل بين الازمات من هنا يمكن ان تتحول على سبيل المثال ازمة اقتصادية تقع في اقليم جغرافي محدود الى ازمة عامة بحسب مدى سرعة آثارها الاجتماعية والنفسية، في الوقت نفسه فإن اتجاه الاسهم في الشكل يكشف عن التداخل والترابط بين انواع الازمات، وعن الآثار المادية والنفسية الناجمة عنها، وكيف يمكن ان تتحول الى سبب لأزمة اخرى او ان تكون الازمة نفسها هي نتيجة لأزمة اخرى، او نتيجة لكارثة ما.

عوامل النجاح في إدارة الأزمة

التخطيط الناجح للتعامل مع الأزمة. يبدأ النجاح في إدارة الأزمة بالتخطيط الجيد لها ومراعاة تحديد الأهداف والتأكد من فهم الأفراد المحيطين بالأزمة لأبعادها المختلفة، وكذلك التنسيق مع الجهات الأخرى التي تتعلق بالأزمة، ومراعاة الدقة عند اتخاذ القرارات المختلفة، بعد ذلك تأنى مرحلة هامة وهى إعداد سيناريوهات وتصورات متعددة لمواجهة الأزمة وحلها وذلك بعرض ما يمكن أن يحدث من تطورات باستخدام أسلوب الانطلاق الفكري الذي يتيح إعطاء تصورات لمسارات مختلفة للأزمة وردود الفعل الممكنة، وتخيل النتائج التي تترتب عليها. وهناك مجموعة من العوامل الحاكمة، لرسم سيناريو الأزمة يرى المؤلف ضرورة مراعاتها وأخذها في الاعتبار وهي: أرض الأزمة، الموقف العام، الإمكانيات المطلوبة والممكن توافرها. الخروج من المأزق ... فن إدارة الأزمات إسم المؤلف: محمد فتحي الناشر: القاهرة - دار النشر الإسلامية، 2002م. عدد الصفحات: 336 صفحة من القطع المتوسط

- يتوسع بعض الباحثين في رصد وتحليل العوامل التي تضمن الادارة الفعالة والناجحة للازمات، حتى انها تشمل كل العوامل والإجراءات اللازمة لنجاح أي نوع من الادارة في مجالات الحياة المختلفة، لكن الرصد العلمي الدقيق لعوامل النجاح في إدارة الأزمة يجب ان يركز على اهم العوامل ذات الصلة المباشرة بموقف الأزمة وبالمراحل المختلفة لتطورها، في هذا الاطار نركز على العوامل التالية:
1. ادراك اهمية الوقت: ان عنصر الوقت احد اهم المتغيرات الحاكمة في ادارة الازمات، فالوقت هو العنصر الوحيد الذي تشكل ندرته خطرا بالغا على ادراك الازمة، وعلى عملية التعامل معها اذ ان عامل السرعة مطلوب لاستيعاب الازمة والتفكير في البدائل واتخاذ القرارات المناسبة، والسرعة في تحريك فريق ادارة الازمات والقيام بالعمليات الواجبة لاحتواء الاضرار او الحد منها واستعادة نشاط المنظمة.
2. انشاء قاعدة شاملة ودقيقة من المعلومات والبيانات الخاصة بكافة انشطة المنظمة، وبكافة الازمات والمخاطر التي قد تتعرض لها، وآثار وتداعيات ذلك على مجمل انشطتها، ومواقف للاطراف المختلفة من كل ازمة او خطر محتمل.
والمؤكد ان المعلومات هي المدخل الطبيعي لعملية اتخاذ القرار في مراحل الازمة المختلفة، والاشكالية ان الازمة بحكم تعريفها تعني الغموض ونقص في المعلومات، من هنا فان وجود قاعدة اساسية للبيانات والمعلومات تتسم بالدقة والتصنيف الدقيق وسهولة الاستدعاء قد يساعد كثيرا في وضع اسس قوية لطرح البدائل والاختيار بينها.
3. توافر نظم انذار مبكر تتسم بالكفاءة والدقة والقدرة على رصد علامات الخطر وتفسيرها وتوصيل هذه الاشارات الى متخذي القرار، ويمكن تعريف نظم الانذار المبكر بانها ادوات تعطي علامات مسبقة لاحتمالية حدوث خلل ما يمكن من خلالها التعرف على ابعاد موقف ما قبل تدهوره، وتحوله الى ازمة تمثل مصدرا للخطر على المنظمة.
ونظرا لاهمية نظام الانذار فان هناك إجراءات لقياس فاعلية نظم الانذار المبكر وتقييم ادائها بشكل دوري.
4. القدرة على حشد وتعبئة الموارد المتاحة، مع تعظيم الشعور المشترك بين أعضاء المنظمة او المجتمع بالمخاطر التي تطرحها الأزمة، وبالتالي شحذ واستنفار الطاقات من أجل مواجهة الأزمة والحفاظ على الحياة, وتجدر الإشارة إلى ان التحديات الخارجية التي تواجه المنظمات أو المجتمعات قد تلعب دوراً كبيراً في توحيد فئات المجتمع وبلورة هوية واحدة له في مواجهة التهديد الخارجي.
5. نظام اتصال يقيم بالكفاءة والفاعلية: لقد أثبتت دراسات وبحوث الأزمة والدروس المستفادة من إدارة أزمات وكوارث عديدة ان اتصالات الأزمة تلعب دورا بالغ الأهمية في سرعة وتدفق المعلومات والآراء داخل المنظمة وبين المنظمة والعالم الخارجي، وبقدر سرعة ووفرة المعلومات بقدر نجاح الادارة في حشد وتعبئة الموارد وشحذ طاقات أفراد المنظمة، ومواجهة الشائعات، وكسب الجماهير الخارجية التي تتعامل مع المنظمة، علاوة على كسب الرأي العام أو على الأقل تحييده.
6 ومن الضروري وضع خطط وقوائم للاتصالات أثناء الأزمة وتجديدها أول بأول، وكذلك تكليف احد أفراد فريق إدارة الأزمة بإدارة عمليات الاتصال الداخلي والخارجي وإعداد الرسائل الاتصالية أو الإعلامية المناسبة التي يمكن من خلالها مخاطبة جماهير المنظمة.
7.الاستعداد الدائم لمواجهة الازمات: ان عملية الاستعداد لمواجهة الأزمات تعني تطوير القدرات العملية لمنع او مواجهة الأزمات، ومراجعة إجراءات الوقاية، ووضع الخطط وتدريب الافراد على الأدوار المختلفة لهم أثناء مواجهة الازمات، وقد سبقت الاشارة الى عملية تدريب فريق ادارة الأزمات، لكن عملية التدريب قد تشمل في بعض المنظمات ذات الطبيعة الخاصة كل الافراد المنتمين لهذه المنظمة, وتشير أدبيات ادارة الأزمات الى وجود علاقة طردية بين استعداد المنظمة لمواجهة الكوارث وثلاثة متغيرات تنظيمية هي حجم المنظمة، والخبرة السابقة للمنظمة بالكوارث، والمستوى التنظيمي لمديري المنظمة.
وسواء اعتمدت خطط وعمليات الاتصال على وسائل اتصال مباشر أو وسائل اتصال جماهيري فمن الضروري في الحالتين تحديد الجماهير المستهدفة واهداف الاتصال وتقييم آثار عملية الاتصال والتعرف على رجع الصدى feed back.
في ضوء المفاهيم السابقة للازمة، وكذلك السمات الرئيسية المتفق عليها يمكن القول بان ادارة الازمة عملية ارادية مقصودة تقوم على التخطيط والتدريب بهدف التنبؤ بالأزمات والتعرف على اسبابها الداخلية والخارجية، وتحديد الاطراف الفاعلة والمؤثرة فيها، واستخدام كل الامكانيات والوسائل المتاحة للوقاية من الازمات او مواجهتها بنجاح بما يحقق الاستقرار ويتجنب التهديدات والمخاطر، مع استخلاص الدروس واكتساب خبرات جديدة تحسن من اساليب التعامل مع الأزمات في المستقبل.

خطوات التعامل مع الأزمه

لقد وضع الفكر الإداري الحديث عددا من الخطوات يمكن إتباعها عند حدوث الأزمة, وهي كما يلي:
  1.  تكوين فريق عمل لوقت الأزمات وإمداده بأفضل الكوادر والتجهيزات والأدوات.
  2.  تخطيط الوقت أثناء الأزمات والاستفادة من كل دقيقة في تخفيف أثر الأزمات.
  3.  الرفع من معنويات العاملين وقت الأزمات مما يشعرهم بالحماس والحيوية والالتزام بالعمل .
  4.  الإبداع والتجديد في المواقف العصيبة وإشعال روح الإبداع لدى العاملين لتقديم حلول وآراء غير مسبوقة.
حــل المشكلات وقت الأزمات بتحديد المشكلة وإجراء المشورة ومن ثم اختيار الحل الأنسب من الحلول المتاحة

إدارة الأزمة في العلاقات الدولية

من الصعب تصور وجود مجتمع يخلو من الازمات، بل ان الفرد او الاسرة تتعرض لأزمات مستمرة، حتى انه يمكن القول بان الأزمات اصبحت سمه من سمات الحياة المعاصرة والتطور البشري.
وكما يواجه الفرد او الأسرة الازمة فان المجتمعات والدول تواجه ازمات كبرى سواء كانت داخلية او خارجية، أي في علاقتها بالدول والمنظمات الدولية.

وعلى مستوى اخر فان كثيرا من المنظمات والمؤسسات الصناعية والتجارية والخدمية في الدول الصناعية او الدول النامية تواجه ازمات تلحق بها اضرارا وخسائر مادية ومعنوية هائلة، واحيانا تقضي عليها.

ولاشك ان التسليم بحقيقة ان الازمات جزء من حياة الأفراد والتنظيمات الاجتماعية والمنظمات والمؤسسات والدول يمثل مدخلا مناسبا للتعامل مع الازمة، حيث يمكن التفكير والعمل للوقاية من الازمات، وادارتها بطريقة علمية من خلال دراسة الازمات السابقة واستخلاص الدروس المستفادة، وتحديد مراحل الازمة، والتخطيط لادارتها اعتمادا على فرق خاصة لادارة الازمة تتلقى تدريبا نظريا وعمليا

والشاهد ان دراسات ادارة الازمة قد تطورت واصبحت مجالا مشتركا لاهتمام وعمل باحثين وخبراء من تخصصات علمية مختلفة تجمع كافة فروع العلوم الانسانيةالاجتماعية والطبيعية، ورغم ان اصحاب كل تخصص يتعاملون مع ادارة الازمة كل من زاوية اهتمامه وخلفيته النظرية وخبراته العلمية، الا ان هناك نقاطا كثيرة للالتقاء والتعاون والعمل المشترك فرضتها الطبيعة النوعية المركبة لبعض الازمات التي تستدعي عمل فريق من مختلف التخصصات والخبرات.

ولاشك ان نقاط الاتفاق والعمل المشترك قد افضت الى بلورة العديد من المفاهيم النظرية، والمعايير الخاصة بتقسيم الازمات، ومراحل تطورها، واسس تشكيل فريق ادارة الازمات، واساليب عمله، فضلا عن عوامل النجاح في ادارة الازمة, حظيت الازمات في العلاقات الدولية باهتمام واسع من الباحثين، بل يمكن القول بان النمط التكراري لظهور واختفاء الازمات الدولية كان القاطرة التي دفعت بحوث العلاقات الدولية للامام..

وتكاد تعيش العلاقات الدولية المعاصرة ازمات متلاحقة على نحو جعل هذه الازمات الدولية ظاهرة متكررة تفرض نفسها على كل من صناع السياسات الخارجية ومراقبي ومحللي العلاقات الدولية.

فها هو الرئيس الامريكي الاسبق دوايت ايزنهاور يقول في الجزء الثاني من مذكراته عن الازمات: ان العالم قد شهد ومنذ تأميم ناصر لقناة السويس في يوليو 1956 وبشكل يكاد يكون يوميا أزمة دولية سواء كانت ازمة كبرى او صغرى .

والمعنى ذاته اشار اليه الرئيس نيكسون بقوله:ان الحياة ازمة تلو الاخرى، وكذلك السياسة.

وفي الخامس والعشرين من عام 1996 جاء في شهادة لوزير الخارجية الامريكي الاسبقدين راسك امام احدى لجان مجلس الشيوخ ان العالم قد شهد منذ يناير 1961 وحتى منتصف عام 1966 سبعا واربعين ازمة دولية.

والواقع ان الاهتمام العلمي بالازمات الدولية لا يعود الى مجرد كونها ظاهرة متكررة في العلاقات الدولية المعاصرة فحسب بل يعزى هذا الاهتمام ايضا الى النتائج والتداعيات الهامة والخطيرة التي تؤدي اليها مثل هذه الازمات سواء على سياسات ومواقف الاطراف المشتركة فيها او على بيئة النظام الدولي ووحداته الاخرى.

ومع ذلك ليس ثمة اتفاق بين علماء العلاقات الدولية على تعريف واحد جامع مانع لمفهوم الازمة الدولية، اذ ينقسم علماء الع- اولهما: ينظر الى الازمة الدولية من خلال منظور تحليل النسق، والتي ترى ان الازمة الدولية هي نقطة تحول في تطور النظام الدولي العام او احد نظمه الفرعية قد تؤثر فيه بالسلب او الايجاب، وانه يتزايد معها احتمالات نشوب الحرب واستخدام القوة العسكرية من قبل اطراف الازمة.

وثانيهما: يتمحور حول تحليلات مدرسة صنع القرار التي ترى ان الازمة الدولية هي موقف بين دولتين او اكثر يتسم بخصائص ثلاث هي:
1. موقف يتضمن درجة عالية من التهديد للاهداف والقيم والمصالح الجوهرية لدول وبحيث يدرك صناع القرار ذلك التهديد لمصالح دولهم.
2. موقف يدرك فيه صناع القرار ان الوقت المتاح لصنع القرار واتخاذه هو وقت قصير.ويستلزم ذلك سرعة فائقة والا فان موقفا جديدا سوف ينشأ لا يجدي القرار المتأخر في معالجته.
3. موقف مفاجئ ، حيث تقع الاحداث الخالقة للازمة على نحو يفاجئ صانع القرار.
وقد حاول فريق ثالث من علماء العلاقات الدولية ايجاد تعريف توفيقي بعد تعريف مدرسة النسق ومدرسة صنع القرار للأزمة الدولية فعرفها بانها:
موقف ينشأ عن احتدام صراع بين دولتين او اكثر، وذلك نتيجة سعي احد الاطراف الى تغير التوازن الاستراتيجي القائم لصالحه، مما يشكل تهديدا جوهريا لقيم ومصالح واهداف الخصم الذي يتجه الى المقاومة، ويستمر هذا الموقف لفترة قصيرة ومحدودة، قد يتخللها لجوء الاطراف الى استخدام القوة العسكرية وينتهي موقف الازمة غالبا الى اقرار نتائج هامة مؤثرة في النظام الدولي العام او احد نظمه الفرعية.

إدارة الأزمة

في ضوء المفاهيم السابقة للازمة، وكذلك السمات الرئيسية المتفق عليها يمكن القول بان ادارة الازمة عملية ارادية مقصودة تقوم على التخطيط والتدريب بهدف التنبؤ بالازمات والتعرف على اسبابها الداخلية والخارجية، وتحديد الاطراف الفاعلة والمؤثرة فيها، واستخدام كل الامكانيات والوسائل المتاحة للوقاية من الازمات او مواجهتها بنجاح بما يحقق الاستقرار ويتجنب التهديدات والمخاطر، مع استخلاص الدروس واكتساب خبرات جديدة تحسن من اساليب التعامل مع الازمات في المستقبل.
وبطبيعة الحال تختلف عملية ادارة الازمة عن الادارة بالازمات، اذ ان الاخيرة هي فعل يهدف الى توقف او انقطاع نشاط من الانشطة وزعزعة استقرار بعض الاوضاع بهدف احداث شيء من التغيير في ذلك النشاط لصالح مدبره, والحقيقة لقد برعت اللغة الصينية في نحت مصطلح الازمة، اذ ينطقونه wetgl وهي عبارة عن كلمتين الاولى تدل على الخطر اما الاخرى فهي تدل على الفرصة التي يمكن استثمارها، وتمكن براعة القيادة في تصورامكانية تحويل الازمات وما تحمله من مخاطر الى فرصة لاطلاق القدرات الابداعية التي تستثمر الازمة كفرصة لاعادة صياغة الظروف وايجاد الحلول السديدة
نموذج لإدارة الازمات
هناك قواسم مشتركة بين الازمات المختلفة مما يمكن معه تحديد نموذج امثل للتعامل مع الازمات حيث طرح كثير من الباحثين نماذج متعدده تحوي مراحل او مستويات للتعامل مع الازمة يمكن حصرها في اربع مراحل ذكرها كمفورت Comfort هي :
  1.  التلطيف Mitigation.
  2. الاستعدادPreparedness .
  3.  الاستجابهResponse .
  4.  استعادة النشاط والبناءRecovery&Reconstructon .
وفيما يلي نموذج لإدارة الازمات في مراحله الرئيسة الثلاث

اولا مرحلة التلطيف والتحضير :

تمثل هذه المرحلة مجموعة من النشاطات المنظمة التي تهدف للحيلولة دون وقوع الازمات والكوارث قدر الامكان او على الاقل تخفيف حدة اثارها التدميرية وذلك بوضع خطة مدروسة ومتكاملة لمواجهتها وتحديد الامكانات الضرورية لتنفيذها كما تشمل تدريب الافراد والمجموعات للقيام بأدوارهم في مرحلة المواجهه.

ثانيا المواجهه:

تعتبر هذه المرحلة الاختبار الحقيقي للخطط المعدة سلفا وللتجهيزات المرتبة مبكرا ويجب هنا الالتزام بتنفيذ خطط الازمات وماتم الاتفاق عليه في مواجهتها .
وتتطلب مرحلة المواجهه وجود مركز للتوجيه والتحكم في العمليات طوال فترة مواجهة الازمة بالقدر الذي يمكن من استقبال كافة التقرير والتفاصيل وتلقي التوجيهات والتعليمات بسرعة فائقة مع الاخذ بالاعتبار مايستدعيه الامر من تعديل او احداث لاجراء جديد وفقا لتوجهات الازمة ومعطياتها الجديده

ثالثا مرحلة اعادة الاوضاع :

وهي مرحلة يتم من خلالها معالجة اثار الأزمات واعادة بناء ماتم تدميره وإعادة ترتيب الأوضاع بالإضافة الى وضع الضوابط التي تكفل عدم تكرار ماحدث فان الدروس الناشئة من الأزمات هي اهم الثمار ان لم تكن الثمرة الأساسية للازمات .
النموذج الإسلامي لإدارة الأزمات

 فيما يلي خطوات النموذج الإسلامي لإدارة الأزمات:

1- أن يكون مرجع إدارة الأزمة نابع من اعتمادنا على كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وما ورد فيهما من توجيهات للتعامل مع الأزمات والمواقف الطارئه.
2- الشعور بالطمأنينة والثقة بالله سبحانه وتعالى ثم الثقة بالذات والنفس حيث يضع الفرد في اعتباره قوله تعالى: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه).

3.التعلق بالله جل وعلا والإكثار من الدعاء: ففي غزوة بدر عندما ظل النبي – صلى الله عليه وسلم – رافعا يديه إلى السماء يدعو ربه ويقول: ( اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لن تعبد في الأرض بعد اليوم) فما زال يهتف بربـه ماداً يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه حتى جاءه أبو بكر – رضي الله عنه – قائلا: إن الله منجز وعدك يا رسول الله, ويوم أن قال له الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فقال – صلى الله عليه وسلم – (حسبنا الله ونعم الوكيل), ويقول تعالى: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} ( غافر: 60 ),

ويجب علينا ألا ننسى ( إن الله يحب الملحين بالدعاء ), ومن ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما يحدث به علي رضي الله عنه يقول: لقد أتينا ليلة بدر وما فينا إلا نائم إلا النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى شجرة ويدعو.), ويقول – صلى الله عليه وسلم – : ( ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه السوء مثلها ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ) رواه الترمذي.

4. الثقة بتأييد الله جل وعلا وعونه في مواجهة الازمه: وما يشير إلى ذلك قوله تعالى: { فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا } (الشرح : 5 – 6 ) , وقوله تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران : 139 ) , وأيضا في غزوة بدر عندما وقف النبي – صلى الله عليه وسلم – يشير إلى مواطن الأرض , ويقول : هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان , يقول الصحابة : فما اخطأ موقع أحدهم , وبعد موتهم ودفنهم في القليب وقف صلى الله عليه وسلم أمام القليب وقال : ( إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا),

وفي هذا يقول الشاعر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى *** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج
الاستفادة مما سبق من تجارب ماضية: والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على عدم الوقوع في الأمر مرتين فيقول: (لا يلدغ المؤمن من جرح مرتين).
والاستفادة من الأزمة لمعرفة الصديق المساند من العدو المتهرب, فالواجب علينا الاستفادة من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين أيضا والعمل على قراءة المستقبل من خلال معرفة الماضي للاستفادة من زماننا حتى لا يضيع سدى .
• عدم تقليد المنظمات الأخرى في حلول الأزمات التي تتبعها, فما يناسب منظمة ليس بالضرورة أن يناسب منظمة أخرى لعدم تكافؤ الظروف بين المنظمات.

6.المبادأة والابتكار فيما يخدم تغيير المنظمة نحو الأفضل, فالقائد الناجح عليه إشعال حماس العاملين الأمر الذي يؤدي إلى رغبة الفرد في المشاركة وحل الأزمة فعلى سبيل المثال إتاحة الفرصة للتعبير عن النفس، وتحقيق الذات والإحساس بأن الفرد نافع ، والرغبة في الحصول على معلومات ، والرغبة في التعرف والعمل مع زملاء جدد، والإحساس بالانتماء إلى عمل خلاق ومكان عمل منتج والرغبة في النمو والتطور من خلال الإبداع والتطوير ، وغيرها من مثيرات الحماس والدافعية .

أن يتبنى إدارة الأزمات داخل المنظمة قائدا يتمتع بصفات تؤهله لإدارة الأزمات وحل المشكلات, ومن هذه الصفات ( العلم – الخبرة – الذكاء – سرعة البديهة – القدرة في التأثير على الأفراد – التفكير الإبداعي والقدرة على حل المشاكل والسيطرة على الأزمات – القدرة على الاستفادة من علوم الآخرين وخبراتهم – القدرة على الاتصال الفعال بالآخرين وتكوين العلاقات الإيجابية – الرغبة والحماس ) .فان الازمة تتضمن السيطرة ثم التغيير ، وقيادة التغيير تتطلب صفات القوة والامانة قال تعالى :{ قالت احداهما يا ابت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } (القصص: 26)

8.الموازنة الموضوعية بين البدائل المتاحة واختيار أقربها إلى حل الأزمة وتحقيق مصلحة العمل والمنظمة فيما لا يخالف الشريعة الإسلامية , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما جمع أصحابه في غزوة الخندق يأخذ رأيهم , فعرضوا عليه آرائهم وكان من بين الآراء رأي سلمان الفارسي – رضي الله عنه – الذي أشار إلى حفر الخندق فأخذ برأيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لأنه الأقرب للصواب .

يعتبر ( الصبر ) من أهم الصفات التي يجب على القائد التحلي بها عند الأزمة, وتتضح أهمية الصبر من موقف النبي – صلى الله عليه وسلم في حل أزمة الحصار الاقتصادي عليه وعلى الذين آمنوا معه قبل الهجرة: يقول تعالى: { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين } (البقرة: 153 ), وفي موقف آخــر " لما عجزت قريش عن قتل النبي صلى الله عليه وسلم أجمعوا على منابذته و من معه من المسلمين ، فكتبوا كتاباً تعاقدوا فيه على ألا يناكحوهم و لا يبايعوهم و لا يدعوا سببا من أسباب الرزق يصل إليهم و لا يقبلوا منهم صلحاً و لا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلم بنو المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ليقتلوه ، وعلقوا الكتاب في جوف الكعبة واشتد البلاء برسول الله صلى الله عليه وسلم و الذين آمنوا معه حتى كانوا يأكلون الخبط و ورق الشجر وكان التجار يغالون في أسعار السلع عليهم وكان الأطفال يتضورون جوعا.
ولم تترك سلعة تصل إليهم , و بعد ثلاث سنوات أجمع بنو قصي على نقض ما تعاهدوا عليه، فأرسل الله على صحيفتهم الأرضة فأتت على معظم ما فيها من ميثاق و عهد و لم يسلم من ذلك إلا الكلمات التي ذكر فيها اسم الله عز وجل " فكان جزاء هذا الصبر و الجلد و تحمل المشاق أن الله سبحانه وتعالى قد مكنهم من منابع الثروة و الاستيلاء على عروش الملوك و فتح بلاد الروم و فارس , و صدق الله إذ يقول: {و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين } ( القصص : 5)

10.الاستخارة : فلقد حكى لنا جابر أن رســول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلّمهم الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، ولاحظ أنه قال: "في الأمور كلها" هكذا، أي في عظيم الأمر وحقيره؛ فما بالك بقرار يتعلق بأزمة، وها هو صلى الله عليه وسلم يقول لنا: "إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهـم إني أستخيرك بعلمـك ....." , وكان يقول – صلى الله عليه وسلم – : ( ما خاب من استخار وما ندم من استشار ) .

11.التمسك بالقيم والمثل والأخلاق والسلوكيات الحسنة : فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت الأزمات و المحن الاقتصادية لم يتنازل عن القيم و المثل و الأخلاق و السلوكيات التي أمر الله بها وبذلك استحق النصر بعد الأزمة و اليسر بعد العسر .
الشجاعة في مواجهو الازمه: ومثال لذلك لما ارتجفت المدينة وسمع الناس دويا عظيما فيها فخرج الناس لينظروا , فإذا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – قد عاد راكبا على حصانه من غير سرج يقول لهم : ( لم تراعوا ... لم تراعوا ) , وكان أصحابه – رضوان الله عليهم – يقولون : (كنا إذا اشتد بنا الوطيس احتمينا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – ) .
التفاؤل وعدم التشاؤم : فيجب على المسلم ألا ينظر للأزمة على أنها كلها شر فالنظرة السلبية تعوق التفكير السليم الذي يسهل الوصول للحل المناسب , وفي هذا يقول الشافعي :
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف .... وتستقر بأقصى قاعه الدرر

واجبات القائد عند وقوع الأزمات

1. على القائد أن يتذكر دائما قاعدة ( ما أصابك لم يكن ليخطئك ) : هذه الوصية تجعله يظفر بثمرة "الإيمان بالقضاء والقدر"؛ فالأزمة في حقيقتها مصيبة يبتلينا ربنا - عز وجل - بها تمحيصاً للذنوب ورفعة للدرجات، قال - تعالى -:{ إنا كل شيء خلقناه بقدر} {القمر: 49}، وقال: { وكان أمر الله قدرا مقدورا } {الأحزاب: 38}، وفي حديث جبريل - عليه السلام - أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان بقوله: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره", وفي هذا الإطار يقول جل من قال : {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } (العنكبوت : 2 – 3 ) ويجب على المسلم أن يجعل الإيمان بالقضاء والقدر وسيلة لكسب الحسنات وتكفير السيئات من منطلق حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – : (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولاهم ولا حزن ولا أذى ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) متفق عليه.
2. تجنب الغضب وقت الأزمة : لأن الغضب يؤدي إلى تشويش التفكير وعدم التركيز وبالتالي قرارات عشوائية , فعن أبي هريرة أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني! فقال صلى الله عليه وسلم : "لا تغضب" فردد مراراً؛ قال: "لا تغضب" .
3. توسيع نطاق المشاورة : يقول تعالى : { وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله } (آل عمران : 159 ).
4. التعاون بين الأفراد داخل المنظمة للعمل على حل المشاكل والأزمات التي يمكن أن تواجهها المؤسسة , وقد قال تعالى : {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ( المائدة : 2 ) . 5.الاستعانة والتوكل على الله : فالقائد المسلم بعد أن يختار من الحلول ما يراه ملائما لحل الأزمة عليه أن يتوكل على الله ويستعين به , لقوله – صلى الله عليه وسلم – ( اعقلها وتوكل ), ويقول تعالى :{ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } ( المجادلة : 21.
5. العزم والعمل وعدم التخاذل والتردد: يقول تعالى : { فإذا عزمت فنوكل على الله } ( آل عمران : 159 ) , ولذا فقد قيل : العاجز يلجأ إلى كثرة الشكوى ، والحازم يسرع إلى العمل.
وبالتالي يمكننا الاستفادة مما هو موجود بالفكر الغربي بعد تأصيله بالفكر الإداري الإسلامي الذي جاءت به شريعتنا الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة النبوية المطهرة التي لم تترك أمرا من أمور الحياة الدنيا والآخرة إلا تضمنتها , يقول تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }.
وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم

تعريفات الأزمة:

الأزمة هي نقطة تحول مصيرية في مجرى حدث ما، تتميَّز بتحسّن ملحوظ أو بتأخر حاد، وترتبط بتجاذبات قديمة لا بد أن تزول لتحلّ محلها ارتباطات جديدة، وتورث تغيرات كمّية ونوعية في هذا الحدث. الأزمة كمصطلح قديم ترجع أصوله التاريخية إلى الطب الإغريقي – "نقطة تحول" بمعنى أنها لحظة قرار حاسمة في حياة المريض – وهي تُطلق للدلالة على حدوث تغيير جوهري ومفاجئ في جسم الإنسان. في القرن السادس عشر شاع استخدام هذا المصطلح في المعاجم الطبية. وتم اقتباسه في القرن السابع عشر للدلالة على ارتفاع درجة التوتر في العلاقات بين الدولة والكنيسة. وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامها للدلالة على ظهور مشكلات خطيرة أو لحظات تحوّل فاصلة في تطور العلاقات السياسية والإقتصادية والإجتماعية. والعام 1937 عرّفت دائرة معارف العلوم الإجتماعية الأزمة بأنها "حدوث خلل خطير ومفاجئ في العلاقة بين العرض والطلب في السلع والخدمات ورؤوس الأموال".

ولقد استعمل المصطلح بعد ذلك في مختلف فروع العلوم الإنسانية وبات يعني مجموعة الظروف والأحداث المفاجئة التي تنطوي على تهديد واضح للوضع الراهن المستقر في طبيعة الأشياء، وهي النقطة الحرجة، واللحظة الحاسمة التي يتحدَّد عندها مصير تطور ما، إما إلى الأفضل، أو إلى الأسوأ (مثل الحياة أو الموت، الحرب أو السلم) لإيجاد حل لمشكلة ما أو انفجارها. كما عرّف (ألستار بوخان – Alastair Buchan) الأزمة في كتابه "إدارة الأزمات" بأنها تحدٍّ ظاهر أو ردّ فعل بين طرفين أو عدة أطراف، حاول كل منهم تحويل مجرى الأحداث لصالحه.

أما (كورال بل – Coral Bill) فإنها تعرّفها في كتابها "إتفاقيات الأزمة – A study in Diplomatic Management, the Conventions of Crisis" بأنها ارتفاع الصراعات إلى مستوى يهدد بتغيير طبيعة العلاقات الدولية بين الدول.
ويشير (روبرب نورث Robert North) إلى أن الأزمة الدولية هي عبارة عن تصعيد حاد للفعل ورد الفعل، أي هي عملية انشقاق تحدث تغييرات في مستوى الفعالية بين الدول، وتؤدي إلى إذكاء درجة التهديد والإكراه. ويشير نورث إلى أن الأزمات غالبًا ما تسبق الحروب، ولكن لا تؤدي كلها إلى الحروب إذ تسوّى سلميًا أو تجمّد أو تهدأ، على أنه يمكن دراستها على اعتبارها إشتراك دولتين أو أكثر في المواجهة نفسها.

كما يعرّفها (جون سبانير John Spanir) بأنها "موقف تطالب فيه دولة ما بتغيير الوضع القائم، وهو الأمر الذي تقاومه دول أخرى، ما يخلق درجة عالية من إحتمال اندلاع الحرب.

وفقاً لذلك فإن الأزمة هي "موقف مفاجئ تتجه فيه العلاقات بين طرفين أو أكثر نحو المواجهة بشكل تصعيدي نتيجة لتعارض قائم بينها في المصالح والأهداف، أو نتيجة لإقدام أحد الأطراف على القيام بتحدي عمل يعدّه الطرف الآخر المدافع، يمثل تهديدًا لمصالحه وقيمه الحيوية، ما يستلزم تحركًا مضادًا وسريعًا للحفاظ على تلك المصالح، مستخدمًا في ذلك مختلف وسائل الضغط وبمستوياتها المختلفة، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو حتى عسكرية.

2- مفهوم إدارة الأزمة:

إدارة الأزمات مسألة قائمة بحد ذاتها منذ القدم. وكانت مظهرًا من مظاهر التعامل الإنساني مع المواقف الطارئة أو الحرجة التي واجهها الإنسان بعد أن جوبه بتحدي الطبيعة أو غيره من البشر. ولم تكن تعرف آنئذٍ بإسم إدارة الأزمات وإنما عرفت تسميات أخرى مثل براعة القيادة، أو حسن الإدارة. وكانت هذه الممارسة هي المحك الحقيقي لقدرة الإنسان على مواجهة الأزمات والتعامل مع المواقف الحرجة بما تفجره من طاقات إبداعية، وتستفزّ قدراته على الإبتكار.

فالمفهوم البسيط لإدارة الشيء، هو التعامل معه للوصول إلى افضل النتائج الممكنة، بما يحقق مصالح القائم بالإدارة. ومن هنا فإن إدارة الأزمة تعني "التعامل مع عناصر موقف الأزمة باستخدام مزيج من أدوات المساومة – الضاغطة والتوفيقية – بما يحقق أهداف الدولة ويحافظ على مصالحها الوطنية. وهي أيضًا عبارة عن "محاولة لتطبيق مجموعة من الإجراءات والقواعد والأسس المبتكرة، تتجاوز الأشكال التنظيمية المألوفة وأساليب الإدارة الروتينية المتعارف عليها، وذلك بهدف السيطرة على الأزمة والتحكّم فيها وتوجيهها وفقًا لمصلحة الدولة .

وقد أصبح موضوع إدارة الأزمات على رأس الموضوعات الحيوية في العالم منذ العام 1962 والأزمة الكوبية، وتكمن أهمية هذا الحدث في تصريح وزير الدفاع الأميركي روبرت مكنمارا بقوله لن يدور الحديث بعد الآن عن الإدارة الإستراتيجية وإنما ينبغي أن نتحدث عن (إدارة الأزمات).

إذًا إدارة الأزمات تعني: "العمل على تجنب تحوّل النزاع إلى صراع شامل، بتكلفة مقبولة، لا تتضمن التضحية بمصلحة أو قيمة جوهرية" .

3- تحليل الأزمة:

بعد تقدير الأزمة وتحديدها تحديدًا دقيقًا، يقوم مدير "إدارة الأزمة" بمساعدة معاونيه بتحليل حالة الأزمة وعناصرها المختلفة ومكوناتها، بهدف اكتشاف المصالح الكامنة وراء صنع الأزمة، والأهداف الحقيقية غير المعلنة التي يسعون لتحقيقها.
ومن هنا يتم تحليل الموقف (أو حالة الأزمة) المركب إلى أجزائه البسيطة ثم إعادة تركيبه بشكل منتظم، بحيث يتم التوصل إلى معلومات جديدة، عن صنع حالة الأزمة وكيفية معالجتها.
وفي هذه المرحلة، يتم استخدام النماذج الرياضية لقياس حالة الأزمة وتحليلها. ويعتمد هذا بالطبع على الإختيار الدقيق والصحيح لأدوات القياس والتحليل والتي من أهمها:
  • أ‌- تحليل علاقات الإرتباط والإنحدار للمتغيرات والثوابت الخاصة بعوامل حالة الأزمة وعناصرها والعوامل المساعدة على إيجاد الأزمة، ومدى تأثر كل منها وتأثيرها على صنع الأزمة وعلى تشكيل حالة الأزمة.
  • ب‌- تحليل أسباب التوتر على أساس المعلومات التي تم الحصول عليها والوصول إلى العوامل التي دعمته، وأيضًا تحديد مستويات التوتر التي بلغتها الأزمة، ومراحل الإستقرار والتعادل التي استطاعت قوى كبح الأزمة الوصول إليها.
  • ج- تحليل مواطن القوة لدى كل من الأطراف الصانعة للأزمة وكذلك الطرف الكابح لها، ومواطن الضعف لدى الطرفين.
  • د- تحليل طبيعة الخطر الذي تشكله الأزمة، وتكاليف استمرارها وأعباؤه، ومدى تأثير كل ذلك على الكيان الذي نشأت به الأزمة.
وبعد هذا كله، يتم تحويل ما توصلنا إليه من تحليلات إلى عناصر كمية ورمزية، واستخراج المؤشرات والنتائج والحلول الكلّية والجزئية والبدائل المختلفة التي يتعيَّن الإختيار من بينها، الأمر الذي يقلل من إحتمالات الخطأ والتحيّز غير الموضوعي عند القيام بعملية التخطيط لمواجهة الأزمة .

4- المستويات الثلاثة لإدارة الأزمة:

تسيطر حالة الأزمة متى وصل النزاع الدولي إلى مستوى عالٍ من العدائية يبدو معه لصنّاع القرار أن الحرب هي على وشك الوقوع أو أن احتمال حصولها أصبح حتميًا.
فالنزاعات غالبًا ما تمرّ بمرحلة الأزمة قبل أن تندلع الحرب، وعلى أية حال فإن إدارة الأزمات هي ليست وسيلة جديدة في العلاقات الدولية ، بل كانت في صميم آلية التوازن في أوروبا حيث نجحت الدبلوماسية المتعددة الجانب في الحفاظ على السلام قبل حروب نابليون وبعدها ولغاية اندلاع الحرب العالمية الأولى.
أما الذي تغيّر بعد الحرب العالمية الثانية فهو:
أ‌- نظام التسلح وأخطره الأسلحة النووية.
ب‌- الأنظمة الإقتصادية: نظام إقتصادي ليبرالي، نظام اقتصادي اشتراكي، والعولمة الإقتصادية.
ج- الأنظمة السياسية، النظام الرأسمالي والنظام الإشتراكي، والعولمة السياسية.
وكان في الماضي، ولغاية العام 1945، أي في القانون الدولي التقليدي، مقبولاً استعمال أقوى الأسلحة فتكًا وتدميرًا، كوسيلة أخيرة ممكن اللجوء إليها للدفاع عن حق دولة ما أو تعزيزًا لمصالحها.

أما في العصر النووي، وهو عصرنا هذا، فإن اللجوء إلى إستعمال الأسلحة النووية وخصوصًا بين الدول الكبرى التي تملك تلك الأسلحة، أصبح ضربًا من الجنون لأن الدولة البادئة بالضربة والدولة المستهدفة والمستعدة للردّ كلتاهما معرضتان للفناء.

ومع أن الولايات المتحدة قد هددت العام 2003، أكثر من مرة، وعلى لسان مسؤوليها الأمنيين ونائب الرئيس بوش (ديك شيني) بإحتمال استعمال الأسلحة النووية التكتيكية المحصورة ضد كوريا الشمالية وايران، فإن هذا الإحتمال يبقى ضمن الإحتمالات الأميركية المطروحة لمحاربة الإرهاب.

وكانت اسرائيل في تشرين الأول من العام 1973، وببداية الأيام الأولى للهجوم السوري والمصري لإسترداد الجولان وسيناء المحتلتين من إسرائيل منذ العام 1967، والتي كانت فيه دفة الحرب مائلة لصالح العرب، قد هدَّدت باستخدام الأسلحة النووية ضد كل من سوريا ومصر.
أما الواضح من هذا فهو أن إمكان استخدام أسلحة نووية من دول تملكه (دولة نووية) ضد دول لا تملكه (دولة غير نووية) هي أكبر من حالة استعمال دولة نووية ضد دولة نووية أخرى، لأنه في الحالة الأولى سيُسجَّل البقاء، وبكل الإعتبارات، للدولة النووية مع إمكان تأثرها من قريب أو بعيد بتلك الضربة وخصوصًا إذا كانت الدولة المستهدفة قريبة من حدودها، بينما في الحالة الثانية، الدولتان معرضتان للفناء.
أما المستويات الثلاثة لإدارة الأزمات فهي:
  1.  الأساس الإستراتيجي
  2.  التخطيط للطوارئ
  3.  نطاق العمليات.

1- الأساس الإستراتيجي:

إن نجاح إدارة الأزمات يعني بوضوح تطبيق سياسة متوسطة أو طويلة الأمد تمنع بموجبه نشؤ الأزمات أو امتدادها أو تلافي تلك الأزمات قبل تفاقمها.
وتتطلب إدارة الأزمات المعاصرة ملاحظة دقيقة ودائمة للسياسة الدولية وللتسلح وللسياسات الإقتصادية والإجتماعية.
كما أن تحليل أهداف السياسات الداخلية للدول يجب أن تُقيّم في ضوء التغيرات الحاصلة ضمنها. وإن الوصول إلى المعلومات ليس وحسب هو عمل مخابرات وتجسس، بل ممكن الوصول إليها عبر التحليل الصحيح للمواد المنشورة، والمتيسرة للجميع في الصحف والمجلات والإنترنت أو المرئية والمسموعة عبر الإذاعات والمقابلات التلفزيونية وغيرها.

من هنا فإن التعرّف المسبق بواقع الأزمات ممكن أن يسمح بمنع حصول تلك الأزمات، أو على الأقل يساعد بأن تكون آثارها أقل كارثية. وهذا الشكل هو ما يطلق عليه الأساس الإستراتيجي وهو مهم جدًا لإدارة الأزمات.

إن الخيار الإستراتيجي يجب أن يكون طويل الأمد بحيث تحدّد التقنيات المطلوبة وتتقارب القطاعات المفروض عملها مع بعض، في أثناء إدارة الأزمة. وإن وضع الخطط المسبقة والشاملة، والمساهمة القصوى من جميع القطاعات تضمن تحقيق الأهداف المرجوة وهي بالتالي أهداف سياسية، لأن الأولويات السياسية سوف تحدد وتحكم أي عمل عسكري يتخذ في أثناء الأزمة. ومع أن هذا المفهوم ممكن ألاَّ يكون مقبولاً لدى العسكريين الذين يشعرون بأن الإعتبارات العسكرية يجب أن تسود في حالة الأزمة.

2- التخطيط للطوارئ:

هي مرحلة رسم السيناريوهات ووضع الخطط وحشد القوى لمواجهة الأزمة والتصدي لها.
في البداية، يتم وضع مختلف الأطراف والقوى التي تم حشدها من قبل صانعي الأزمة، وتحديد بؤر التوتر وأماكن الصراع، ومناطق الغليان بصفتها جميعًا "مناطق ساخنة". ومن خلال هذه الرؤية العلمية الشاملة المحيطة بعملية الأزمة وبالأطراف المتعددة المرتبطة بالأزمة يتم رسم خريطة التحرك على النحو التالي:
  • أ‌- تحديد الأماكن الأكثر أمنًا والمحصنة تمامًا لإتخاذها كمناطق ارتكاز وقواعد للإنطلاق.
  • ب‌- تحديد الأماكن الآمنة لتكون سياج أمن للقواعد الخاصة بالإنطلاق، فضلاً عن حاجز امتصاص للصدمات إذا ما تدهور الموقف فضلاً عن مناطق إنذار ومناطق تهدئة للضغوط.
  • ج- تحديد أسباب الأزمة المتصلة بالنظام، أي رموز النظام أو رموز القيادة في الكيان الإداري الذي يمكن التضحية به وإعداده لهذه التضحية، والتمهيد لدخول رمز جديد له شعبية، ترتاح إليه، قوى صنع الأزمة.
  • د- تحديد خطة امتصاص الأزمة الحالية عن طريق الإستجابة لبعض المطالب والتوافق مرحليًا مع قوى صنع الأزمة من خلال المراحل التالية:
  1.  مرحلة الإعتراف بالأزمة.
  2. مرحلة التوافق والإستجابة المرحلية لمطالب الأزمة.
  3.  مرحلة التحقيق والتثبت من أسباب الأزمة.
  4.  مرحلة تشكيل لجان للمناقشة والإشتراك في حل الأزمة.
  5.  مرحلة المشاركة في الحل المقترح ونقل عبء حل الأزمة للقوى الصانعة لها.
  6.  مرحلة ركوب الأزمة والإنحراف بها وحماية الكيان الإداري من تأثير الأزمة والإحتفاظ بحيويته وأدائه.
  7.  توزيع الأدوار على قوى مقاومة الأزمة وبصفة خاصة على أعضاء فريق المهام الذي تم تكليفه بمهمة التدخل المباشر لمعالجة الأزمة.
  • و- التأكد من استيعاب كل فرد للخطة العامة الموضوعة، وكذلك من التتابع الزمني للمهام وفقاً للسيناريو الموضوع لمعالجة كل من إفرازات الأزمة والقوى الصانعة لها، من أجل السيطرة على مسرح الأزمة بشكل فعال.
  • ز- حشد كل ما تحتاجه عملية التعامل مع الأزمة وتزويد فريق المهام احتياجاته من الأدوات والمعدات التي يتطلبها ويحتاجها الموقف.
  • ح- تحديد "ساعة الصفر" أو التوقيت المحدد لبدء العملية وتنفيذ المهمة المحددة بشكل فعّال وحاسم، على أن تتم متابعة ما يحدث أولاً بأول، والوقوف على رد فعل الأطراف الأخرى .

3- نطاق العمليات:

إن نجاح إدارة الأزمة تعتمد على الوقت - لذلك يقول (تشارلز هيرمان) أن الأزمات تتألف من ثلاثة مكونات هي: المفاجأة، التهديد الخطير للقيم المهمة، والوقت القصير المتاح لإتخاذ القرار - وعلى الآلية الإدارية، وعلى العمليات. فإن الإنخراط السريع أو ما يطلق عليه بالتدخل لمعالجة الأزمة، واتخاذ القرارات السريعة لصنّاع القرار، وهو فريق عمل متجانس يعرف بعضه البعض الآخر، ويعمل بسرعة قصوى وبفاعلية أكبر من الحالات العادية والروتينية. وكان فريق المهمات الأميركي لإدارة الأزمة الكوبية يتألف من 17 شخصًا. أين الفعل؟
ومن خلال المعرفة والإحاطة الشاملة والكاملة "بالسيناريوهات البديلة"، والسيناريو المعتمد والمجاز للتدخل في الأزمة، وإسناد المهام وتوزيع الأدوار على فريق المهام ويكون مدير إدارة الأزمات قد حدّد كل شيء ووضع لكل عنصر الإحتمالات وفقًا لإتجاهات محددة.
وتتم معالجة الأزمة على أنها مجموعة مهام: أساسية وثانوية وتكميلية. أين الفعل
أ‌- فالمهام الأساسية تقوم على الصدام والدحر والمواجهة السريعة والعنيفة والإمتصاص والإستيعاب والإستنزاف.
ب‌- في حين أن المهام الثانوية تقوم على عمليات تهيئة المسارات، وإعداد مسرح الأزمة، وتقديم الدعم والتأييد لفريق المهام الخاصة لمعالجة الأزمة بشكل علني مؤثر أو بشكل سري وفقًا لما تقتضيه وتحتاجه الحالة.
ج- أما المهام التجميلية فهي تقوم على إزالة الآثار والإنطباعات السيئة التي تركها فريق المهام "الخاص بمعالجة الأزمة" في مسرح الأزمة، وتحسين هذه الإنطباعات وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة .

- 2 –إدارة الأزمات والإدارة بالأزمات

الإدارة بالأزمات هي فعل يهدف إلى توقف نشاط من الأنشطة أو انقطاعه، أو زعزعة استقرار وضع من الأوضاع بحيث يؤدي إلى إحداث تغير في هذا النشاط أو (الوضع لصالح مدبّره) .

ومن الأمثلة على ذلك، تفتعل (بدلا من تخلق) دولة أحيانًا مشكلة ما على الحدود مع إحدى جاراتها لإحداث أزمة تهدف من ورائها إلى ترسيم الحدود أو الحصول على مكاسب معينة على المستوى السياسي.

والواقع أن الإدارة بالأزمات يقابله أسلوب آخر من قبل الطرف المقابل وهو إدارة الأزمات. إذ أن هذا الموقف المتأزم الذي أوجده (خلقه) الطرف الأول يستدعي قيام الخصم بتكثيف جميع إمكاناته، وتسخير كامل قواه للخروج من هذه الأزمة بمكاسب أو بأقل الخسائر.

والواقع أن النتائج ليست دائمًا مرضية لمن خلق الأزمة. فقد يصاب بخيبة أمل وعض أصابع الندم ويتمنى لو لم يخلق مثل هذه الأزمة التي جلبت عليه الخسارة.

إذًا، الإدارة بالأزمات يقابلها إدارة الأزمات، وقد تنجح الأولى وتخفق الثانية، وقد يحدث العكس بل وقد يخسر الطرفان وأحيانًا قد يكسب الجميع.

وتعتبر الأزمة في المرتبة الرابعة من الأطوار المتتالية لتطور النزاع. فالطور الأول يكون بشكل (حالة، موقف) يعبّر عنه بشكل تنازعي. أما الطور الثاني فقد يطرح ردّ فعل الأطراف على ادعاءات معلنة وتظهر في شكل نزاع سياسي أو قانوني. أما الطور الثالث فهو انجرار الأطراف إلى تعقيد للعلاقات المباشرة وغير المباشرة بحيث ينشأ شكل من النزاع طابعه سياسي إعلامي دعائي، ولكن يصبح الكلام يدور عن قابلية هذا النزاع لتهديد حفظ السلم والأمن الدوليين. أما الطور الرابع فهو أزمة سياسية دولية من شأن استمرارها أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدوليين، وتستخدم الأطراف المتنازعة كل ما تملك من وسائل ايديولوجية وإقتصادية وسياسية. أما الطور الخامس فهو انتقال أحد الأطراف إلى الإستعمال الفعلي للقوة العسكرية بأهداف تظاهرية أو بنطاق محدود، منها حشد للقوات المسلحة أو تهديد باستعمال القوة. أما الطور السادس فهو النزاع المسلح، وهو لجوء أحد الأطرف إلى استخدام القوة . وهناك عوامل تؤثر في عملية صنع القرار والتي تؤدي إلى الأزمات وهي تشمل:

1- التفكير الجماعي "بعيدًا" عن مصالح الآخرين وآرائهم:

التفكير الجماعي يعبر عنه بإدارة بوش الحالية والتي أجمعت على غزو العراق من دون الأخذ بالاعتبار آراء الدول (وخاصة روسيا، فرنسا، ألمانيا، والصين التي كانت معارضة للحرب) والأمم المتحدة وحتى الرأي العام الأميركي.

2- سوء الإدراك:

أما سوء الإدراك فيعبّر عنه في الأزمة الكوبية العام 1962، من جهة الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي على السواء. فالولايات المتحدة قللت من إحتمال تحرك القوات السوفياتية، أو حتى أثارت رد فعل عسكرية سوفياتية بعد أن استخدمت القوة العسكرية ضد كوبا في نيسان/ ابريل 1961 (عملية خليج الخنازير لإسقاط نظام كاسترو)، أو عند نصبها صواريخ نووية في تركيا. واعتقد السوفيات من جهتهم أنهم يستطيعون نصب صواريخ نووية في كوبا سراً، وأن الولايات المتحدة سوف تتقبل الأمر عندما يتم اكتشافها وتصبح كأمر واقع.

3- الميل إلى المجازفة:

أما الميل إلى المجازفة فيتمثل بغزو صدام حسين للكويت العام 1990 من أجل مضاعفة احتياطي العراق من النفط من 10 إلى 20 % من الإحتياطي العالمي، ولتحسين وضع العراق الجيوستراتيجي في رأس الخليج العربي ، بالإضافة إلى مجازفات هتلر والتي أدت إلى الحرب العالمية الثانية.

- 4 –دستور التعامل مع الأزمات

وهي تمثل دستور مبادئ يتعين على كل متخذ قرار أن يعيه جيداً عند التعامل مع أي أزمة تواجهه، وأن لا يتناسى أو يتجاهل إحدى هذه المبادئ التي هي شديدة الأهمية والخطورة، وهي:
  1. توخي الهدف.
  2. الإحتفاظ بحرية الحركة وعنصر المبادأة.
  3. المباغته.
  4. الحشد.
  5. التعاون.
  6. الإقتصاد في إستخدام القوة.
  7. التفوق في السيطرة على الأحداث.
  8.  الأمن والتأمين للأرواح والممتلكات والمعلومات
  9.  المواجهة السريعة والتعرض السريع للأحداث.
  10.  استخدام الأساليب غير المباشرة كلما كان ممكناً.
ويعتمد تطبيق هذه المبادئ على توافر روح معنوية مرتفعة ورباطة جأش، وهدوء أعصاب، وتماسك تام خلال أحرج المواقف، وقدرة عالية على امتصاص الصدمات ذات الطابع العنيف المتحذفحذفحذفة عن الأزمات الكاسحة.
فضلاً عن ضرورة توفر جهاز استخبارات كفؤ لتوفير المعلومات الكافية واللازمة والتفصيلية والدقيقة والحديثة والكاملة عن الأزمة وتطوراتها وعواملها، ومن ثم التعامل معها في إطار معرفة شبه كاملة .
- 5 –خطوات التعامل مع الأزمة
يتم التعامل مع الأزمات، وإدارتها إدارة علمية رشيدة بسلسة متكاملة ومترابطة من الخطوات المتتابعة وفيما يلي عرض موجز لكل خطوة منها:

أولاً – تقدير الموقف الأزموي

يقصد بتقدير الموقف الأزموي تحديد جملة التصرفات التي قامت بها قوى صنع الأزمة، وقوى كبحها، شاملة تقدير مكونات هذه التصرفات وما وصلت إليه الأزمة من نتائج، وردود أفعال، وآراء ومواقف محيطة مؤثرة أو متأثرة بها.
ويشمل تقدير الموقف تحليلات لمضمون العلاقات، ومكونات القوة للطرفين، ومصادر الوصول إلى النتائج الحالية، وأسباب نشوء الموقف الراهن، وروافد تطوره، وعلاقات المصالح، والصراع، والتنافس والتكامل، التي ارتبطت به أو بعدت عنه .
تقدير الموقف الأزموي

ثانياً – تحليل الموقف الأزموي:

بعد تقدير الموقف الأزموي وتحديده تحدياً دقيقاً، يقوم مدير الأزمة بمساعدة معاونيه بتحليل الموقف الأزموي، ويتم التحليل بهدف الإستدلال وصولاً إلى اليقين: عن طريق التمييز الواضح بين عناصر الموقف الأزموي، لتوضيح عناصر الأزمة، ومم تتركب، وتقسيمها إلى أكبر عدد ممكن من الأجزاء ليتسنى لنا إدراكها بأقصى وضوح ممكن، ومن هنا يتم تحليل الموقف الأزموي المركب إلى أجزائه البسيطة، ثم إعادة تركيبه بشكل منتظم، بحيث يتم التوصل إلى معلومات جديدة عن صنع الموقف الأزموي، وكيفية معالجته، ومن هنا يتم تحليل الموقف الأزموي إلى ما يتركب منه من عناصر مبسطة بهدف الإحاطة بها على وجه سليم.

ثالثاً – التخطيط العلمي للتدخل في الأزمة:

وهي مرحلة رسم السيناريوهات ووضع الخطط والبرامج، وحشد القوى لمواجهة الأزمة والتصدي لها، وقبل أن يتم هذا بكامله يتم رسم الخريطة العامة لمسرح عمليات الأزمات بوضعه الحالي، مع إجراء كافة التغيرات التي تتم عليه أولا بأول.

وعلى هذا المسح يتم وضع كافة الأطراف والقوى التي تم حشدها من قبل صانعي الأزمة ومن جانب مقاومي الأزمة، وتحديد بؤر التوتر وأماكن الصراع، ومناطق الغليان، باعتبارها جميعاً "مناطق ساخنة" ومن خلال هذه الرؤية العلمية الشاملة المحيطة بأبعاد "المسرح" الأزموي، وزوايا الرؤية المتعددة للأطراف المتعلقة المرتبطة بالأزمة، يتم رسم خريطة التحرك على النحو التالي:

  • أ‌- تحديد الأماكن الأكثر أمناً والمحصنة تماماً لإتخاذها كمناطق ارتكاز وقواعد للإنطلاق.
  • ب‌- تحديد الأماكن الآمنة لتكون بمثابة سياج آمن للقواعد الخاصة بالإنطلاق، فضلاً عن حاجز امتصاص للصدمات إذا ما تدهور الموقف، فضلاً عن مناطق إنذار وتصفية وتحطيم الأمواج، أو مناطق تفريغ وتهدئة للضغوط الأزموية.
  • ج- تحديد أسباب الأزمة المتصلة بالنظام، وأي من رموز النظام أو رموز القيادة في كيان الدولة يمكن التضحية به، وإعداده لهذه التضحية، وتوجيه السخط له، والتمهيد لدخول رمز جديد له شعبية ترتاح إليه قوى الصنع.
  • د- تحديد خطة امتصاص الضغوط الأزموية الحالية عن طريق الإستجابة لبعض المطالب والتوافق مرحلياً مع قوى صنع الأزمة من خلال المراحل العلمية الآتية:
  1. مرحلة الإعتراف بالأزمة.
  2. مرحلة التوافق والإستجابة المرحلية لمطالب الأزمة.
  3. مرحلة التحقيق والتثبت من أسباب الأزمة.
  4. مرحلة تشكيل لجان المناقشة والإشتراك في حل الأزمة.
  5. مرحلة المشاركة في الحل المقترح ونقل عبء حل الأزمة للقوى الصانعة لها.
  6. مرحلة ركوب الأزمة والإنحراف بها، وحماية الكيان الإداري من تأثيرها والإحتفاظ بحيويته وأدائه.
  • ه- توزيع الأدوار على قوى الأزمة وبصفة خاصة على أعضاء فريق المهام الذي تم تكليفه بمهمة التدخل المباشر لمعالجة الأزمة.
  • و- التأكد من استيعاب كل فرد للخطة العامة الموضوعة، وكذا من التتابع الزمني للمهام وفقاً للسيناريو الموضوع لمعالجة كل من إفرازات الأزمة، والقوى الصانعة لها، وكذا للتضامن مع بعض عناصرها، وكذا للسيطرة على المسرح الأزموي بشكل فعال.
  • ز- حشد كل ما تحتاجه عملية التعامل الأزموي، وتزويد فريق المهام باحتياجاته من الأدوات والمعدات التي يتطلبها ويحتاجها الموقف الأزموي.
  • ح- تحديد "ساعة الصفر" أو التوقيت المحدد لبدء العملية وتنفيذ المهمة المحددة بشكل فعال وحاسم، على أن يتم متابعة ما يحدث أولا بأول، والوقوف على رد فعل الأطراف الأخرى.
وأياً ما كانت العملية التخطيطية، فإنه نتيجة للضغط الأزموي وما تتسم به العملية الأزموية من عدم وفرة الوقت الكافي للتخطيط، يلجأ متخذ القرار إلى مجموعة "السيناريوهات الجاهزة" READY MADE التي أعدت من قبل لمواجهة المواقف الأزموية الصعبة واستخدامها، أو إجراء تعديل طفيف عليها لتكون صالحة للإستخدام الفعلي.

رابعاً – التدخل لمعالجة الأزمة:

من خلال المعرفة والإحاطة الشاملة والكاملة والدارية "بالسيناريوهات البديلة"، والسيناريو المعتمد والمجاز للتدخل في الأزمة، وإسناد المهام، وتوزيع الأدوار على فريق المهام الأزموية يكون متخذ القرار في إدارة الأزمات قد حدد كل شيء، ووضع لكل عنصر احتمالاته، وحسب اتجاهاته، ثم اتخذ القرار.

وتتم المعالجة الأزموية مجموعة مهام أساسية ومهام ثانوية ومهام تكميلية تجميلية. فالمهام الأساسية تقوم على الصدام والدحر، والمواجهة السريعة العنيفة، والإمتصاص، والإستيعاب، والإستنزاف، وتحويل المسار الخاص بقوى صنع الأزمة.

في حين أن المهمات الثانوية تنصرف إلى عمليات تهيئة المسارات وتأمين الإمدادات وحماية قوى مواجهة الأزمات وتوفير المساندة والمؤازرة لها، أما المهام التكميلية التجميلية فتنصرف أساساً إلى معالجة الآثار الجانبية السلبية المترتبة عن الصدام مع قوى صنع الأزمة، وإمتصاص أي ما من شأنه أن يوجد غضباً أو خوفاً أو رعباً في المجتمع الذي حدثت فيه المواجهة الأزموية.

المراجع

  1. القران الكريم
  2. كتب الصحاح والسنن.
  3. الشعلان فهد بن احمد ادارة الازمات الاسس والمراحل 1423هـ الرياض
  4. اليحيا ، فهد بن سعود النواحي النفسية في عملية التفاوض في ازمة اختطاف 1996م الرياض
  5. الخضيري محسن احمد ادارة الازمات مكتبة مدبولي القاهره .
  6. الاحمدي ، عبدالله بن سعد المنظمة الموقفية في ادارة الازمات اكاديمية نايف الرياض

نموذج مقترح لإدارة الأزمات من التعليم العالي بالمملكة العربيه السعودية
دراسة نظرية تحليليه
إعداد
د: عبدالله بن احمد الزهراني
عضو هيئة التدريس بجامعة ام القرى
مكة المكرمه
1428هـ

تعليقات