وكالة البيارق الإعلامية
لكن الغريب هنا هو الانخراط في نقاشات علمية هزيلة لن تغني مناخنا عن اضطرابات "الاحتباس الحراري" بقدر ما ستتسبب في مصائب متتالية للبشرية جمعاء ولكل الكائنات الحية الهشة، إذا تم النظر فعليا في إمكانية الاستفادة منها، على الرغم من أن الدروس التي قدمتها الطبيعة للبشر كانت جلية وواضحة.
شتاءٌ قوي يُعلن عن نفسه بعباءة من الجليد القارس ونسمات هواء تجلب معها نسيم الشظايا الثلجية، ينسجم المشهد ببياض قاتم يمتد بأفق لا نهاية له حيث تتوالى الليالي الطويلة بظلامها العميق ولا يتحرك ولا يتنفس شيء، الأشجار تبدو وكأنها مجسدة لصمت الطبيعة في عالم مجمد.
وبعيدا عن النثر الآن سنتحدث بالعلم:
إذ إن هذا الدخان المحمل بالشوائب والهباءات يعمل حاجزا منيعا يستقر في طبقة "الستراتوسفير" ليحجب أشعة الشمس، لا بل إنه يتحكم حتى في سير الرياح الموسمية نظرا لتسيده الموقف!
في وقتنا الحاضر وعلى ضوء هذه التفاعلات الكيميائية الطبيعية جنح المنادون بتبريد الأرض عبر رش جسيمات عاكسة للشمس، إلى تبيان مبررات الموقف، بأن مقاومة الاحتباس الحراري لن تفلح في تعزيز النظم البيئية عبر تنويع الغطاء النباتي نظرا للسنوات الطويلة التي تحتاج إليها الشجرة للنمو بالكامل وجهوزيتها لامتصاص الكميات المطلوبة من ثاني أوكسيد الكربون.
وبناء على رؤيتهم الأولية فيما يُعنى بالجسيمات المُلونة أو العاكسة لأشعة الشمس، فهذه قضية تُفتحُ لها أبواب النقاش لفترة طويلة:
إذا كان الهدف المُتوخى من هذه الأساليب يتجه نحو التحكم بارتفاع درجات الحرارة العالمية فإنه سيكون لِزامَ تداعيات غير متوقعة لعلها تشمل تطرف المناخ أكثر فأكثر، ناهيك عن الأخطار المحتملة على صحة الإنسان، ولا يمكن إنكار أن ثاني أوكسيد الكبريت الذي يدخل في مكونات المواد العاكسة للأشعة له تاريخ مظلم في حالات تسمم كثيرة واختناق حَالَ انتشاره في الجو.
ثم إن الدعوات المتعاقبة إلى ضرورة البدء بإجراء تجارب لابدّ أن تتم مراجعتها لأننا نتحدث عن مصير كوكب بأكمله! فما الذي سينجم عن حجب أشعة الشمس كليا عن الأرض؟ وهل لدى الدول الطاقة اللازمة لمقاومة سنوات طويلة من الشتاء والبرودة الشديدة في ظل حالة الانقسام السياسي والجمود الدبلوماسي بين الأقطاب العالمية الكبرى؟
بالتأكيد الالتزام بتقليل الانبعاثات الكربونية والاستعانة بالتكنولوجيا النظيفة سيكون استراتيجية تحويلية أكثر أمانا للعالم أجمع.
وبما أراه شخصيا، ما من طريقة قد تكون أفضل من تطبيق مبادرات المليون شجرة وتوفير المساحة والري اللازم لها وهذا فعليا ملموس وظاهر لنا في دولة الإمارات التي باشرت بالتشجير وإعادة التحريج متطلعة إلى بلوغ مئة مليون شجرة حتى عام 2030.
أكتب تعليقك هتا