أمل محمد صارم - سوريا
قبل أن تمر زوبعة كوفيد_ 19 التى أتت على أشكال الحياة كلها على كوكب الأرض المثخن بالحروب، والمنهك من التلوث، والمختنق بثاني أوكسيد الكربون، لن تتنفس النساء الصعداء، فهل تعيد لهن كما أعادت الجائحة للطبيعة نقاءها الأول الذي لوثته حضارة البشر و مخلفاتهم الضارة التي حولت العالم إلى كتلة ملتهبة من المشكلات البيئية، والمناخية و الطبيعية؟ ، ولكن تلك الاستراحة التي منحها كوفيد للأرض كي تتنفس الصعداء ، لم تكن كذلك بالنسبة للنساء، فقد تعالت صرخاتهن مروعة، بعد إزدياد حالات العنف الأسري، بأشكاله جميعها "لفظي، و جسدي، و نفسي، و جنسي" ضد المرأة خلال فترة الحجر الصحي، الذي ترك على المرأة آثارا سلبية، جعلها تحتمل الضغوط مضاعفة مكرهة ، فرغم تقاسمها القلق والهلع والخوف من الفايروس القاتل الذي قد يهدد حياتها، فإنها أيضا حملت ذلك مضاعفا، خشية على أفراد عائلتها، الشريك أو الأولاد ، والأهل والمحيط ، ناهيك عن شعور القلق بزعزعة أمان الأسرة الإقتصادي، وفي حالات كثيرة الخوف من المستقبل القادم مهنيا خلال كوفيد 19 ومابعده ، وتبعات ذلك على إقتصاد الأسرة، ومتطلباتها المتزايدة، نتيجة زيادة في حاجة الأسر عن احتياجاتها الاعتيادية لاستخدام المحاليل المعقمة، وأدوات الحماية، من كمامات وكفوف و كحول، ومعقمات، اتباعا للإجراءات الاحترازية ضد فايروس كورونا، سواء الفردية أم الجماعية أم الأسرية، وتزايد أسعارها، بسبب ازدياد الطلب عليها عالميا، والدخول في سباق مع الفايروس، لرفع راية النجاة ، أو في أسوء الأحوال الشفاء منه ، وإذا كان يقع على الأفراد مسؤولية حماية أنفسهم واستخدام سبل الوقاية الصحيحة والدقيقة للحماية من الفايروس القاتل، فإن على النساء اتباع أنجع الطرق والوسائل لحماية أنفسهن والأسرة معا، وفي كلتا الحالتين إن حجم الضغوط التي تواجهها المرأة مضافة إليها الضغوط التي عليها أن تحتملها نتيجة تزايد أعباء التنظيف المستمر، وتعقيم المساحات المنزلية، التي قد تضيق وتتسع، مصحوبا بالهلع الذي رافق الأمهات، ليس على أنفسهن فحسب بل على جميع أفراد الأسرة، والذي تلقته النساء، بدرجات نفسية متفاوتة، وصل بعضها حد الوسواس القهري، ويأتي العنف المتزايد على المرأة ليدق ناقوس الخطر، خلال فترات الحجر الصحي الذي فرضته معظم الحكومات على مواطنيها لتطويق كوفيد 19 من ناحية، فتفشى العنف من ناحية أخرى لوجود النساء في بيئات محجورة مع شركاء يعانون ضغوطا نفسية، خوفا من التراجع الاقتصادي ونقص موارد الأسرة، وغياب البديل، والدخول في المجهول لمرحلة مابعد الكورونا، وتوفر البيئة الملائمة للعنف نتيجة التغير القسري لعادات الإنسان، وتحوليه على حين غره من كائن اجتماعي لمدجن قسرا لفترة طويلة، حيث سمحت طول فترة احتكاك النساء بالشركاء ، تحت ضغط الحجر القسري، وفي غياب تواصل النساء مع المحيط سواء الأهل أو الصديقات والذي يعد وسطا مساندا يقدم مختلف أشكال الدعم ، خاصة بعد استخدام الشريك العنف بشكل متزايد سواء (اللفظي أو الجسدي وحتى الجنسي) مما أثر على أداء النساء في الفترة الماضية، و وضعهن في دائرة الخطر المباشر يواجهن ذلك بمفردهن، وفي جميع الأوقات، ليتحول الحجر المنزلي لكابوس يقض مضاجع الأسرة، ويترك جراحا عميقة لدى النساء والفتيات نفسية وجسدية، ضاعف حجر كوفيد 19 من تأثيرها ، واضطر فيها الأطفال مجبرين على معايشة الآلام والخوف والهلع والقلق ،جراء مشاهد العنف الذي تكرر
أمام أعينهم، فحفر عميقا في ذاكرتهم، وحملهم مكرهين ليكونوا أشخاصا غير أسوياء نفسيا يعانون من خلل ما، قد يتفجر بين لحظة وأخرى، فمن يسمع نداءات استغاثة النساء والفتيات والأطفال من العنف؟ والعالم برمته منشغل في اتخاذ الإجراءات الاحترازية من كوفيد 19، الذي لم يفتك بالبشرية ، أكثر ما يفعله العنف ضد المرأة، فإذا كانت بحسب منظمة الصحة العالمية، 35٪ من النساء حول العالم تعرضن بالفعل لشكل من أشكال العنف الجنسي والعنف على أساس الجنس خلال حياتهم. وفي بعض الأزمات، ارتفع الرقم إلى أكثر من 70 ٪،
وقد يكون العدد في تزايد إذا لم تتداعى الجمعيات العاملة في مجال مناهضة العنف وتضع خططا احترازية وآليات للحيلولة بين النساء والفتيات ومصادر العنف، خاصة خلال الأوبئة والأزمات الصحية العالمية والحجز الطوعي أو الإجباري، الذي قد يطول بطول مقام كوفيد 19 على كوكبنا الأرض.
أكتب تعليقك هتا