الدليل الشامل للحج والعمرة
التكبير هو قولك: (الله أكبر)، وهو من أكثر الأذكار الواردة في العبادات، قال تعالى:﴿ وَكَبره تكبيرًا ﴾ [الإسراء: ١١١].
وأكثر ما شرع التكبير في الصلاة ، فهو مفتاحها، وشعار الخفض والرفع فيها، كما شرع في العبادات العظيمة كالحج والعمرة والجهاد. والتكبير من الأذكار التي تقرب العبد من ربه جل وعلا لما فيه من تعظيم الله وإجلاله وتمجيده جل وعلا.
والتكبير من الأذكار التي تلازم الحاج والمعتمر في حجه وعمرته؛ فعند الشروع في الطواف يكبر، وعند استلام أو محاذاة الحجر الأسود يكبر، وعند استلام الركن اليماني يكبر، وعند الوقوف على الصفا وكذا المروة يكبر، وعند الإفاضة من عرفة يكبر، وعند المشعر الحرام يكبر، وعند السير إلى منى يكبر، وعند رمي الجمار يكبر، وعند ذبح الهدي والأضاحي يكبر، وفي أيام التشريق يكبر، وعند انقضاء الحج يكبر، فما معنى التكبير وما سره ؟!!
وعن سر التكبير في هذه المواطن العظيمة التي يجتمع فيها أمم من الناس وغيرها من المواطن يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وهذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع أو لعظمة الفعل أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة ليبين أن الله أكبر، وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار، فيكون الدين كله الله، ويكون العباد له مكبرين، فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم الله، ومقصود الاستعانة بانقياد سائر المطالب لكبريائه، ولهذا شرع التكبير على الهداية والرزق والنصر؛ لأن هذه الثلاث أكبر ما يطلبه العبد، وهي جماع ،مصالحه والهدى أعظم من الرزق والنصر؛ لأن الرزق والنصر قد لا ينتفع بهما إلا في الدنيا، وأما الهدى فمنفعته في الآخرة قطعا ) (۳).
ويقول الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل – حفظه الله - عن ة الحقيقية للتكبير الثمرة الحقيقية لهذا الذكر العظيم ألا وهي: ما يقوم في القلب عند الإتيان بهذا الذكر من الإجلال والتعظيم والمحبة والإخلاص والخوف والرجاء الله تعالى والتوكل عليه وحده سبحانه؛ لأن استحضار كبريائه سبحانه وعظمته وجبروته وقهره لكل شيء يوجب هذه الآثار بحيث يتوجه العبد بقلبه وقالبه لربه العظيم الكبير الذي هو أكبر من كل شيء، فيستحي أن يلتفت إلى غيره أو يأبه به) (4).
فعلى الحاج والمعتمر أن يستحضر كبرياء الله وعظمته وجلاله في قلبه، وما يثمر ذلك من معان إيمانية في كل موضع يكبر الله فيه.
ويقول رحمه الله تعالى في موضع آخر مبينا عظمة الله جل وعلا من جهة عجز العباد عن معرفة كيفية صفاته جل وعلا: فكيف يطمع العقل المخلوق المحصور المحدود في معرفة من له الكمال كله والجمال كله والعلم كله والقدرة كلها، والعظمة كلها، والكبرياء كله؟ من لو كشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سُبحَاته السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وما وراء ذلك؟ الذي يقبض سماواته بيده فتغيب كما تغيب الخردلة في كفّ أحدنا، الذي نسبة علوم الخلائق كلها إلى علمه أقل من نسبة نقرة عصفور رود من بحار العالم، الذي لو أن البحر يَمُدَّه من بعده سبعة أبحر مداد، وأشجار الأرض من حين خلقت إلى قيام الساعة أقلام لفني المداد وفنيت الأقلام، ولم تنفذ كلماته)(6).
مراجع
- (مجموع الفتاوى) (٢٥٣/١٠).
- (الصواعق المرسلة) (١٣٧٩/٤).
- (مجموع الفتاوى) (٢٢٩/٤).
- (منارات في الطريق) ص (٢٣٩).
- (مدارج السالکین) (۳۷۹/۳-۳۸۰)
- (مدارج السالكين) (٢٩٦/٤-٢٩٧).
أكتب تعليقك هتا