بقلم: المستشارة / الدكتورة : سامية كيحل - الجزائر
أشارة الدراسات مؤخرا و المؤشرات الى ان الفصام او الانفصامية او ما عرفت بالازدواجية الى اعلى درجات و معايير الخطر في مجتمعاتنا او على الكوكب و لكنها تختلف من شخص الى اخر و تكون درجتها بالتفاوت من شخص الى اخر و قد اثبتت الدراسات أيضا ان انفصام الشخصية اضطراب نفسي شديد يؤثر على 24 مليون شخص تقريباً أو على شخص واحد من كل 300 شخص في جميع أنحاء العالم حيث يسبب انفصام الشخصية الذهان ويعد معيقا بشكل كبير وقد يؤثر على جميع مجالات الحياة ، بما فيها الأداء الوظيفي الشخصي والأسري والاجتماعي والتعليمي والمهني و الذهان هو يسمى أيضاً أمراض أو نوبات ذهانيه اضطراب نفسي يسبب أشكالا شاذة من التصور والتفكير إذ يتصور المصاب الواقع أو يفسره بطريقة مختلفة عن الناس من حوله ، كذلك ويمكن أن يعاني مريض الذهان من الهلاوس، أو الأوهام، أو التفكير غير المنظم، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على أفكاره وسلوكه.
لابد ان ندرك بان الانفصامية ( الفصام ) في الشخصية هي الفكرة ونقيضها أو العمل ونقيضه و الانفصامية او ما عرفت بالازدواجية موجودة بالشخصيات والمجتمع وحتى على مستوى الأسرة فبعض الأشخاص لديه ازدواجية في تفكيره وحياته، مثلا يقول ما لا يفعل أو يفعل العكس أو يطرح أفكاره التي لا يؤمن بها وينصح بعمل ما في حين هو لا يؤدي هذا العمل أو يمكن أن يفعله بدون اقتناع ، وبعض هؤلاء الأشخاص ذوي التفكير الانفصامي على مستوى عمله يقوم بالنفاق الانفصامي، يعني أنه يتحدث مع مديره و يوافقه في كل ما يقول أو يعزز أفكاره وهو غير مقتنع بأفكار أو بعمل مديره ، لكن فقط لأجل المصلحة يناقض تفكيره وحتى قناعاته على الجانب الاخر من العلاقات الشخصية وعلى مستوى الأصدقاء نرى المجاملات تكثر بينهم مثلاً أصدقاء يجاملون صديقهم ويستمعون له بدقة بكل جوارحهم عندما يتحدث و يوافقون ويشجعونه في كل آرائه لكن في داخلهم غير راضين أو مقتنعين به ولا بأفكاره ولكن لا يريدون التصادم معه أو للمجاملة لمصالح مشتركة وهو ما نعيشه واقع اليوم على الأرض و الحياة و بين مجتمعاتنا سواء العربية او الغربية .
وها هنا نحن أيضا نعيش تجارب حياتيه كل يوم داخل بيتنا الصغير و استذكر الراحل العبقري الفنان أحمد زكي عندما جسد حقيقه في حياتنا التي نعيشها اليوم كان بها النصيب الأكبر من الذهان في فيلم ( أنا لا أكذب ولكني اتجمل ) حيث على مستوى الأسرة بعض الأزواج فقد يطالب زوجته بأشياء لمجرد الأمر فقط أن تفعل شيئاً معينا فقط ليظهر لها أن شخصيته قوية في حين أن الشخصية القوية هي باللين والمرونة بالتعامل والحكمة والرزانة لا في التعنت بكل شيء والعكس أيضا فبعض الزوجات يحاولن أن يفعلن عكس ما يريد الزوج أو يقمن بالعناد حتى في تربية الأطفال وبهذه الحالة حتى الطفل يصبح مشتت التفكير، لأن الأم والأب ليسا على توافق واتفاق وهدوء وحكمة بالتعامل فيما بينهما ، اذا حتى مع أنفسنا بعضنا يفعل أو يتحدث بما لا يتفق أو لا يتوافق مع شخصيته وأفكاره أو عكس أفكاره وشخصيته ، لكن فقط لمجاراة المجتمع عموما وبعض الأشخاص يظهر إهماله أو عدم اكتراثه وتجاهله لشخص ما في حين أنه بداخله يهتم به ولديه شعور جميل تجاه الآخر لكنه يظهر له العكس وينتقده بكل شيء ويحبطه لكي لا يظهر حقيقة شعوره تجاه هذا الشخص لأنه بنظره الاهتمام والحب ضعف وهذا غير صحيح ، فجميل إظهار المشاعر كما هي و كما ان تكون طبيعية و على طبيعتها دون تزيف واقعها او مصدرها النابع من العمق النفسي و تكوينها الخلقي سوف يكون لها تأثير فعال اكبر و اكثر من الانفصامية او الازدواجية لتجميلها اجعلوها تنطلق و يكون لها مكتسبات حقيقيه و مشاعر رنانة في الاذهان و العقل و القلب .
إذا لابد ان نصل الى غاية حقيقيه للقضاء على الانفصامية ان نستطيع أن نطرح أفكارنا ونعيش شخصياتنا بالتحدث بعقلانية وبطبيعتها الحقيقية وبدون تصادم وبكل هدوء وروية ومرونة لكي يستمع إلينا الآخرون ويقتنعون بما نتحدث به والى ان تصل المعلومة والجملة بشكلها ومشاعرها الحقيقية ويفهمونا ويستوعبونا بكل ما فينا من عيوب على كل المستويات الشخصية والعائلية وعلى مستوى الأصدقاء والعمل والأسرة وحتى مع أنفسنا لأن أنفسنا تجادلنا وتتحدث معنا فيجب أن نكون متفهمين لأنفسنا أيضاً قبل ان يتفهمنا الاخرون.
اذا لابد ان ندرك خطر الذهان و تبعياته و اثاره و اضراره التي من الممكن ان تصل الى مرحله ادمان المخدرات للهروب من واقعنا الذي نعيشه اليوم في ظل التكهنات و الحروب و الازمات الاقتصادية و الثقافية الدخيلة لمجتمعاتنا ناهيك عن الاجندات التي تحاول هدم ثقافاتنا الشخصية الى ان نصل لمرحلة الانفصامية و يبدأ من هنا انهيار مجتمعاتنا بالكامل لا تستهين بان يصاب شخص بالذهان و انها معايير و نسبه و تناسب لكنها من الممكن ان تكون المعايير و النسبة الحقيقية تصل الى ملايين و مليارات من البشر وقتها نفقد السيطرة و نبدأ في السقوط حيث ان الذهان يحدث و يصاب في أي عمر، على الرغم من أنه نادر جدا عند الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما . يصاحب الذهان مضاعفات خطيرة، قد تصل أيضا الى إيذاء النفس والانتحار وتعاطي الكحول والمخدرات، فإننا نعيش مرحله خطيره لابد ان نتدارك عواقبها والعمل على القضاء عليها وعلاجها بشكل صحيح دون التهاون بها.
* (الخبيرة الدولية في تعديل الصورة الذهنية وعلم السلوك النفسي)
أكتب تعليقك هتا