محمد السكري - مصر
عانت الولايات المتحدة الامريكية على مدى عقود طويلة من
جارتها المكسيك من مشكلتين رئيسيتين ألا وهما الهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات
عبر حدودها البرية التي تبلغ حوالي٣٠٠٠ كم ، ولكن أضيف الي هاتين المشكلتين مشكلة
أخرى جديدة ألا وهي تهريب البيض، نعم أصبح تهريب بيض الدجاج عبر الحدود مشكلة تؤرق
رجال الأمن والجمارك.
ويبدو أن الأزمة الدولية القادمة ليست أزمة وقود ولا مياه
بل أزمة بيض، ولم لا وعلاقة الإنسان بالبيض علاقة متجذرة منذ فجر التاريخ عندما
حزقت أول فرخة في تايلاند ووضعت للإنسان
اول بيضة على وجه الأرض لتبدأ منذ ذلك الوقت علاقة حميمة بين الانسان والبيض، بل
إن هناك أسطورة عن ان الكون أصله بيضة
ظلت قرونا طويلة في قلب الظلام وبداخلها كل الوجود، ثم فجأة انفصل الجزء الأعلي والأخف
منها ليكوّن السماوات، أما الجزء الأثقل
فقد تحول إلى الأرض .
ولقد فرضت البيضة نفسها على الفلسفة وحيرت الفلاسفة
والعالم لتظل معضلة "البيضة و الدجاجة" والسؤال الدائري عن أسبقية أي
منهما قائما حتى يومنا هذا، وفي فلسفة البيض أيضا يقول أحدهم :إذا تم كسر قشرة
بيضة من الخارج، فإن حياتها قد انتهت، أما إذا كُسرت من الداخل، فإن هذا يعني ان
هناك حياة قد بدأت، وان الأمور العظيمة دوماً تبدأ في داخلك أنت.
وفي
الفن وجدت البيضة موقع قدم في فيلم "Red notice" والذي يحكي عن ثلاث
بيضات ذهبية مرصعة بالجواهر أهداها الملك أنطونيوس لزوجته الملكة المصرية
كليوباترا يوم زفافهما ولقد تم العثور علي اثنتين منهما بينما ظلت الثالثة مفقودة .
أما نابليون فقد كان مولعا بعجة البيض او الاومليت وقد
اكلها اول مرة عندما كان مسافرا هو وجيشه
عبر جنوب فرنسا، وهناك تناول عجة البيض
التي أعدها له صاحب مطعم ذو أصول فارسية، فأعجب بها و أمر سكان البلدة بجمع كل
البيض في القرية وإعداد عجة كبيرة لجيشه في اليوم التالي، ومن هنا بدأت تنتشر عجة
البيض إلى كل أنحاء فرنسا.
ولم يترك البيض ساحة الحرب فلقد اندلعت حرب البيض في
خمسينيات القرن التاسع عشر، عندما تم اكتشاف الذهب في كاليفورنيا، وبدأ الناس
بالتدفق بالآلاف بحثاً عن الذهب، سبّب هذا الازدياد المفاجئ نقصاً في توافر
الغذاء، ولم يمضِ وقت طويل حتى استهلك السكان الجدد كل الدجاج والبيض الموجودين في
المنطقة ووصل سعر البيضة الواحدة لدولار ، أي ما يساوي ثلاثين دولاراً في وقتنا
الحاضر. فحدثت العديد من المشادات والمشاجرات بين الناس، وقد وصل الأمر لأن قام البعض بطعن بعضهم الأخر، بل وأطلقوا
النار على بعض.
ولقد تسلل البيض أيضا إلى أحلامنا ويقول مفسرو الأحلام أن
البيض في المنام يؤول إلى السعادة والأفراح وأن
الحالم سيمر ببعض الأحداث غير
المتوقعة.
ولقد أبي البيض إلا أن يكون حاضرا في السياسة أيضا ،فرشق
السياسيين بالبيض يعتبر تقليدا سياسيا قديما للتعبير عن الاحتجاج والغضب .وفي الفن
كان رواد مسرح عصر النهضة، في فترة حكم الملكة إليزابيث الأولى في بريطانيا، يرمون
البيض الفاسد على الممثلين للاعتراض على أدائهم السيئ.
وجّه الكاتب الأمريكي "ويل ديورانت" سؤال
إلى أصدقائه يسألهم فيه عن معنى الحياة
بالنسبة لهم، ما الذي يجعلهم يواصلونها ، أجابه صديقه الكاتب الأمريكي هنري لويس
منكن : (.... أواصل العمل لنفس السبب الذي يدفع الدجاجة لمواصلة وضع البيض ) صدقت
يا لويس فما الدنيا إلا بيضة كبيرة وما نحن الا مجرد فراخ بائسة
أكتب تعليقك هتا