وكالة البيارق الإعلامية
تلك الكلمات كانت مقابلة عمل الممرضة المغربية بشرى، التي كانت تأمل في الحصول على وظيفة في مستشفى خاص للأطفال في الدار البيضاء.
أشكال التحرش بالنساء متنوعة وموجودة في كل مكان في المغرب، بل في باقي المجتمعات العربية أيضا، منها ما هو ظاهر مثل ما يحدث في الشوارع أمام الملأ، ومنها ما هو مخفي ومسكوت عنه مثل ما يحدث في أماكن العمل.
وأشارت بشرى إلى أن الجميع يدرك وجود حالات تحرش في أماكن العمل، بل إن المتحرشين يكونون معروفين على صعيد المؤسسة التي يعملون فيها، لكن لا أحد يتحلى بالجرأة الكافية أو الإرادة لوضع حد لذلك، إما لأن الأغلبية تفضل التركيز على شؤونها الخاصة أو تخشى شبح فقدان الوظيفة في ظل صمت البقية.
من هو المتحرش
وهو كذلك الشخص الذي يظن أن الشابات والنساء المغربيات سواء في العمل أو في الشارع أو في المدارس أو مدرجات الجامعات "سهلات ويمكن الإيقاع بهن واصطيادهن" دون مشقة، حسب الشعباني.
وقالت رئيسة الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء نجاة الرازي إن الظاهرة منتشرة في المجتمع بشكل كبير، مضمونها جنسي، وتمارس في إطار علاقات سلطة فهناك دائما رئيسا أو مشغلا أو أستاذا أو رجل سلطة يستغل منصبه من أجل إكراه شخص آخر، وغالبا تكون امرأة للخضوع لنزواته الجنسية في غياب شهود.
طبيب أطفال مهووس بموظفة في عمر ابنته
وعادت الشابة ذات يوم لتسلم راتبها الأخير بعد التأكد من مغادرة الطبيب، فكشفت لزميلتيها السابقتين تفاصيل قصتها. طلبت الشابة منهما قراءة رسائل قصيرة بعثها الطبيب إليها، ثم أبلغتهما أنها وكعادتها وصلت في يوم إلى العيادة قبل الجميع وكانت تغير ثيابها لارتداء لباس العمل، عندما تسلل الطبيب إلى المكتب قبل موعده الرسمي وباغتها في الغرفة الخاصة بالموظفات وهي بملابسها الداخلية.
صعقت الشابة لهول المنظر والطلب فاستجاب جسدها بالتقيؤ، بعدها صرخت في وجه الطبيب الذي ظل يتوسل إليها ويعرض عليها مالا وسيارة ومنزلا وكل ما تشاء هي. فرفضت الإهانة وذكّرته بأنها تعمل ليلا بمستشفى للأطفال ونهارا في عيادته لأنها تريد الكسب الحلال ولا تريد المال السهل.
ثم هددت الشابة مديرها، وهو أب لبنتين إحداهما في عمر موظفته، بأنها ستفضحه أمام أسرته وموظفيه وآباء الأطفال الذين يقصدون عيادته، فعرض عليها المال مرة أخرى لشراء صمتها. وبعد التفكير مليا في الأمر، قررت ترك العمل والتزام الصمت خوفا من أن يتهمها هو بالسرقة أو شيئا من ذاك القبيل فتصبح هي المتهمة.
"التحرش أصبح ظاهرة خطيرة"
التحرش والقانون
لكن الباحث الاجتماعي علي شعباني وعلى الرغم من ترحيبه بأي قوانين لحماية النساء إلا أنه قال إن المسألة ليست في سن القوانين بل في كيفية تطبيقها وعلى من يتم تنفيذها بالتزام الشفافية والعدالة. وتساءل "هل يمكن أن نعتبر أن القانون سيحمي النساء المغربيات أو غيرهن من التحرش؟ هل قانون مكافحة الإجرام قضى على الإجرام؟ كلا".
وقالت رئيسة الرابطة الفيدرالية الديموقراطية لحقوق المرأة فوزية عسولي إن هناك ضرورة "لإقرار عقوبات زجرية لأن القانون له دور أساسي في تحديد وضبط السلوك، وإن كان ذلك غير كافي وينبغي أن يكون هناك وقاية عبر إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية والإعلام للقضاء على العنف ضد النساء".
وأكدت الناشطة النسائية أن القانون المقترح ذو أهمية قصوى، لكن "تتخلله ثغرات إذ لم يتضمن إجراءات مضبوطة"، وأضافت أن القانون جاء فضفاضا ولم يقف عند الأهم وهو أن تكون هناك شرطة متمرسة خاصة بقضايا العنف وتستطيع إيجاد الدليل، إلى جانب قضاء مؤهل يبحث هو الآخر عن الدليل لكي لا تبقى تلك المهمة ملقاة على عاتق الضحية، على حد تعبيرها.
وتم كسر تابو التحرش في المغرب بشكل أكبر في السنوات الأخيرة، إذ يتحدث عنه المجتمع بحرية أكبر ووضوح شديد، وتنشر شابات قصصهن على موقع يوتيوب كما تعالج السينما المغربية الظاهرة، لكن مواجهتها والقضاء عليها ربما مازال في بدايته.
أكتب تعليقك هتا