صيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، بعد الشهادتين والصلاة والزكاة، والركن الخامس بعد أربعة الأركان هذه هو الحج.
واستقبال رمضان الكريم هو استشراف للقبول والقرب منه تعالى من خلال النصوص الشرعية الكريمة:
﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ﴾ سورة البقرة/ 185 .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ سورة التحريم / 8 .
قال صلى الله عليه وسلم : إذا دخَل رمضانُ فُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ وغُلِّقَتْ أبوابُ جهنَّمَ ، وسُلسِلَتِ الشياطينُ . متفق عليه.
وفي رواية: فتحت أبواب الرحمة.
وتنوعت طرائق الشعوب الإسلامية في الاستعداد للشهر الفضيل، وطرق استقباله عبر العصور المختلفة منذ فجر الإسلام.
ولقد سُئل ابن مسعود رضى الله عنه:
" كيف كنتم تستقبلون رمضان؟ "
فقال: «ما كان أحدُنا يجرؤ على استقبال الهلال وفي قلبه ذرة حقد على أخيه المسلم ! » (ذكره ابن رجب في لطائفه).
وفي سلوك وأساليب الشعوب نطالع:
في فجر الدولة الإسلامية كانوا يُعوِّدون الصغار على الصيام ويحببونهم به، واو اضطر الأب أو الأم أن يعطيا الولد وجبة سرّية تقويه على الصيام، أو إلهائه باللعب لينسى العطش والجوع، تقول إحدى الصحابيات كنا نُصَوِّم أولادنا ونصنع لهم الدمى من العهن نعوِّدهم على الصيام.
وفي اندونيسيا أكبر البلدان الإسلامي سكاناً: ُيمنح التلاميذ إجازة في الأسبوع الأول من شهر رمضان للتعود علي الصيام .
في باكستان: يُزف الطفل الذي يصوم لأول مرة كأنه عريس ، ورأيت هذا الطقس أيضا في المغرب العربي، يحتفلون بالصائم الطفل لأول مرة ويشجعونه ويغرقونه بالهدايا القيِّمـــة .
في ماليزيا : تطوف السيدات بالمنازل لقراءة القرآن الكريم ما بين الإفطار والسحور . ولا يزال هذا الطقس قائما حتى اليوم.
في نيجيريا : تستضيف كل عائلة فقيراً يومياً للإفطار ،
في السودان: يصنعون موائد الإفطار ويخرج أفراد القبائل الى الطرقات العامة يتصيدون الصائمين لتفطيرهم واكرامهم، ويُقاس مدى سعادة كل أهل مائدة بمقار ما يجلب من ضيوف لمائدته.
في موريتانيا : يقرأ أهلها القرآن الكريم كله في ليلة واحده ، وكذلك في السنغال
في أوغندا : يصومون اثنتي عشرة ساعة يوميا منذ دخول الإسلام إليها لتساوي الليل مع النهار هناك لوقوعها علي خط الاستواء ، ويهتمون بتفطير الصائمين وإحياء ليالي الشهر الكريم بالتراويح وقراءة القرآن الكريم والتزاور.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ، دولة الحب والخير والتسامح، يبدأ الشهر الكريم بتفقد أحوال الجيران والأهل والأرحام وتقديم الهدايا لهم قبل الشهر بيومين أو ثلاثة، ويمتد الخير ليشمل العائلات المستورة وخاصة من الوافدين فيقدمون لهم كثيرا من قسائم الشراء والاحتياجات الرمضانية.
ومن أجمل التقاليد الإماراتية تبادل التهاني بين المسلمين وتداول عبارة" مبروك عليكم الشهر"، حتى أن كثيرا من الوافدين غير المسلمين يهنؤون غيرهم بها.
في حوران وكثير من أنحاء فلسطين وتركية ولبنان والأردن وسورية ومصر العربية يستغلون الشهر الفضيل في التواصل والبرِّ وصلة الأرحام:
فالأسرة تنظم جدولا للإفطار كلَّ يوم في بيت أحد أفراد العائلة، واليوم الأول بالطبع من نصيب كبير الأسرة يجتمع فيه الأولاد والبنات والأرحام ويفرحون ببعضهم ويطمئنون عن أوضاع بعضهم.
وكل أسرة تخصص لأصهارها وبناتها المتزوجات هدية أو سلة من الطعام المعتبر ترسله اليها، وتستضيفهم على مائدتهم أيضا في أحد الأيام الرمضانية.
يستقبلون الشهر العظيم تائبين معاهدين الترفع عن المعاصي والآثام ولسان حالهم يردد:
ما لي أصومُ عن الطعام المشتهى*** وأطيلُ أكلًا من لحوم الناسِ؟!
ويطوفُ غيري في حدائقِ طاعةٍ ***وأطوفُ بالوسواس والخنّاسِ!
ويقومُ أهلُ الليل في خلواتِهم *** وأنامُ عن ذكـــــــرٍ وعن إيناسِ!
أُمضي النهارَ تأففًا وتضجّرًا *** وأضيِّعُ النفحـــاتِ في الأغلاسِ!
ما لي أرى دفقَ الخواطرِ آسنًا *** وأرى التبلّدَ ســاكنًا إحساسي
أيجيء يومَ البعثِ قومٌ بالغنى *** مِنْ سعيهم، وأجيءُ بالإفلاسِ؟
أما عند أمة مُحمد الاُمة العربية الإسلامية المعاصــرة (اليوم)،،، فتزداد الأسعار وتكثر كرنفالات ومهرجانات الطعام والحلوى والشراب والعصائر، وكأنه شهر أكل وشُرب وليس شهر عبادة ،،، وتزداد المسلسلات في القنوات الفضائية وخاصة المسلسلات الهابطة التي تخاطب الغرائز وليس العقل والفكر،،،، يزداد الإسراف والتبذير ،،، يكثر التردد على "الكافيهات" و" الأرقيلة " والخيم الرمضانية الساقطة الرخيصة بما تقدمه لزبائنها.
أكتب تعليقك هتا