د. سناء أبو شرار - الأردن
هناك من لا يعيشون حياتهم ولكنهم يعيشون شبة حياة، وكأنهم طوال حياتهم يسيرون بجانب جدار ملاصق لحياتهم، لا يفارقون الجدار ولا يعيشون في ذلك البيت الذي يُسمى حياتهم. إنهم رهنوا أوقاتهم وجهدهم وافكارهم لأجل الآخر أو ربما لأجل هدف مستحيل تحقيقه أو لحلم يقبع بين بسطات الأحلام المكتظة ببضائع الوهم والغدر والإحباط.
ولكن كيف يعرف الشخص أنه يعيش حياة حقيقية يمتلكها أو حياة مؤجرة، إنه نفس الشعور حين يعيش الإنسان في بيت ليس بيته، مهما فعل في ذلك البيت من تحسينات فهو ليس ملكه، وإذا أحدث به أضرار فهذا لا يعنيه، ويكره موعد دفع الإيجار، يعيش بهذا البيت ولكنه يعلم أنه ليس بيته، لأنه لا ينتمي إليه، فالشعور بالانتماء لا يكون إلا بامتلاك الشيء، أو الأرض.
فمن منا يستطيع فعلاً أن يمتلك حياته؟ فئة قليلة من البشر يمتلكون حياتهم وهم من تحرروا من وهم الآخر، واستطاعوا السيطرة على شهواتهم، وكبحوا جماح غضبهم، وأضعفوا تعلقهم بالآخر، وجعلوا قلوبهم مرتبطة بالخالق الباقي وأدركوا أن كل ما هو فانٍ لا يعول عليه، وأدركوا أن الحياة ليست سوى عبور نحو عالم آخر، فامتلكوا حياتهم وسكنوا بيوت يمتلكونها إن لم تكن من الحجارة فهي من اليقين بالله وأن كل شيء يتغير ويتبدل ولا يبقى إلا الله الواحد الأحد.
أولئك الذين امتلكوا حياتهم فمنحوها لله تعالى هم المالكون الحقيقيون وما عداهم ليسوا سوى مؤجرين أو مستأجرين في حياة تكتظ بالبيوت التي لا تلبث إلا أن تفرغ من مستأجريها ومن مالكيها.
أكتب تعليقك هتا