وكالة البيارق الإعلامية
يلاحظ خبراء في علم السلوك الإجتماعي أن هناك تغيراً طرأ على كثير من النساء بعد الاحتجاجات والاعتصامات العربية التي شجعت على المواجهة والصوت المرتفع، وإذا كان مستغرباً أن تتشاجر امرأة مع أخرى في أي مكان حتى ولو كان صالة أفراح، فلم يعد ذلك غريباً اليوم برفع عدد النساء شعار «آخذ حقي بيدي»، فالى أي حد يمكن لبعض الأحداث والظواهر العامة ان تؤثر على السلوك الفردي للناس؟ وكيف تأثرت بعض النساء بأشكال الاندفاع التي شهدتها الأحداث العربية مؤخراً، وسحبت ذلك على حياتها اليومية وعلاقاتها لتعبر قائلة: «أخذ حقي بيدي» إجابات مختلفة في التحقيق التالي:رفعت النساء شعار «آخذ حقي بيدي» في العرس الذي كاد يتحول إلى مأتم، حين انقلب إلى حلبة مصارعة نسائية في محافظة القطيف بالسعودية؛ بسبب رغبة العروس في إدخال العريس إلى داخل القاعة، واعترضت أمها على دخوله؛ حتى لا يشاهد الحاضرات في الصالة، ليتدخل أهل العريس، وسرعان ما قام الطرفان بالملاسنة التي حوَّلت الصالة إلى حلبة عراك بين الطرفين، وكاد الفرح أن يتحول إلى مأساة نسائية، لولا تدخل العقلاء لفض الاشتباكات، لكن العروس ذهبت إلى بيت زوجها في اليوم التالي للعرس.
معارك شوارع: فما يحدث على أرض الواقع يؤكد أنّ مفهوم «الجنس اللطيف» الذي كان يطلق على النساء تغير تمامًا؛ لأنّ التسمية حسبما تقول شابة عمرها 20 عاماً التي اكتفت بالحرفين الأولين من اسمها «أ.أ» جعلت الرجال يطمعون بالنساء بشكل عام، وزادت المفاهيم الذكورية في مقابل حق المرأة في العمل والبيت والشارع وكل مكان ضيَّع حقها في كل شيء.
وعن الموقف الذي اضطرت فيه إلى رفع شعار «آخذ حقي بيدي»، ترويه قائلة:« كنت وأختي الصغيرة في سوبر ماركت نشتري بعض الأغراض، وكانت أختي الصغيرة التي تدرس في الصف الثالث المتوسط بمدرسة في الرياض على خلاف مع زميلتها في المدرسة، وما أن دخلنا السوبر ماركت حتى تحرشت بنا زميلة أختي، وأخذت تسبنا أمام الناس بصورة استفزتني جدًا، والغريب أنّ أمها كانت معها، وانضمت هي الأخرى لعاصفة السباب الموجهة ضدنا، فما كان مني إلا أن رفعت شعار «آخذ حقي بيدي»، وضربت الأم وابنتها بعد محاولتي في البداية تهدئة الموقف لكن من دون جدوى، ضربتها هي وأمها التي لم تربِّ ابنتها، وحين تدخل الناس لفض الاشتباك الذي خرج من السوبر ماركت إلى الشارع شعرت بأنني مرتاحة جدًا؛ لأني «أخذت حقي وحق أختي بيدي».
هذا الموقف برمته أغضب الأخ «م.أ»، موظف حسابات الذي كان ساعتها في البيت، وقال عن ذلك: «حين أتت أختاي من السوبر ماركت لاحظت تمزقًا في عباءتيهما، وحين عرفت تفاصيل المشاجرة التي تمت في الشارع غضبت جدًا من تصرفهما، واعتبرت أنّ ما قامت به زميلة أختي وأمها حماقة، وما فعلته أختي بضربها المرأة وابنتها حماقة أكبر، لكنها مصرَّة على أن تأخذ حقها بيدها، معللة ذلك بقولها لي: «لن أنتظر أحدًا يأخذ لي حقي»، وهذه النبرة زادت أخيرًا نتيجة ما تنقله الفضائيات على مدار الساعة».
وأخرى دموية: موقف آخر للمعارك النسائية ما روته فتاة أخرى «هـ.س» عن تجربتها حين ذهبت إلى محل بيع الذهب في أسواق العويس بالرياض؛ لتستبدل بذهبها ذهبًا يتماشى مع أحدث صيحات الموضة، وحين دخلت المحل أمسكت بها امرأة أخرى، والتفاصيل ترويها قائلة: «ضربتها بكعب «السابو» الذي كان في قدمي وسببت لها جرحًا في رأسها وآخر في حاجبها؛ لأنّ تلك المجنونة ما إن رأتني حتى أمسكت بي، واتهمتني بأني سرقت منها حقيبة مليئة بالمال حسب روايتها، لم أتمالك نفسي، وأخذت حقي منها بيدي، ضربتها، نعم ضربتها، وحين فضت النساء بيننا، تأكدت أني لست المقصودة باتهامها لي، وحين حاولت الاعتذار لي بكل السبل رفضت؛ لأني كنت أخذت حقي بضربي إياها، وجرحي رأسها وحاجبها».
لا للعنف: المواطنة السعودية التي ترشحت للانتخابات الديموقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية فريال مصري تقول: «لا أؤمن بالعنف، وعلى المرأة ألا تستعمل العنف؛ لأنّ العنف يتنافى وأخلاق المسلمين، وكانت أمي وأنا صغيرة تنصحني بعدم توصيل الموقف إلى التشابك بالأيدي، ولا يمكن أن أنسى تلك النصيحة الغالية أبدًا، وأنا أعتبر العنف نوعًا من أنواع الضعف».
وقالت الشاعرة المغربية المقيمة في باريس كريمة الحراك عن تنامي العنف النسائي بسبب الثورات العربية: «أنا من الممكن أن أضرب من يضايقني بكلمة تسيح دمه، وذلك حسب الموقف الذي قد يكون التجاهل فيه أقوى من الضرب المباشر، لكن لم يسبق لي على الإطلاق أن تشاجرت مع أحد بالأيدي أبدًا».
لسنا في غابة
رفضت المصورة السعودية سوزان إسكندر مجرد الخوض في مسألة أنّ امرأتين تضربان بعضهما البعض على مرأى ومسمع من الناس، وقالت: «نحن لسنا في غابة، نحن في مجتمع له أعرافه وتقاليده التي لا يمكن الخروج عليها، ويجب احترامها، ومعنى أن تقوم مشاجرة بين امرأتين تنتهي بالضرب، فهذا يدل على سوء أخلاق وسوء تربية من الطرفين.
شماعة الثورات العربية: ويقول الإعلامي عمر الزبيدي: «العنف ضد طبيعة المرأة، لذلك حين تتعامل المرأة مع القضايا بعنف فهي تكون قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من القهر والتجاهل والتهميش، والعالم العربي أصبح بسبب تخلفه يحاول الأفراد فيه تقليد المؤسسات من حيث التعالي والفوقية في قهر بعضهم بعضًا، خصوصًا الرجال والنساء». ويؤكد الزبيدي أنّ في السعودية كثيرًا ممن يخافون أن يتعاركوا أو حتى يعبروا عن ألمهم من النساء.
تحقيق: حسين أبو السباع - الرياض
أكتب تعليقك هتا