أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا النقد فن التمييز بين الأساليب ، وتبيان مميزات العمل والسلوك الايجابية وعيوبه ، او هو الحكم لصالح العمل و القول و الصفة ، أو ضده ... وكلمة ( نقد \ \ ن ق د ) في اللغة العربية ، تعني تمييز الدراهم ، وإخراج الزائف منها ،فالناقد أو النقّـاد هو من يقوم بعملية التمييز هذه ، ثم تطورت اللفظة بعد ذلك الى الكشف عن محاسن الاقوال والصفات والأفعـال ( الأدبية او الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية أو ..... ) وبيان مساوئها ومحاسنها . ثم عرفت ساحة البحث الناقد الأدبي والمحلل السياسي والباحث الاجتماعي والتربوي والاقتصادي ، وكلها عمليات نقدية ، لها مدارسها وضوابطها ...  وصنف الباحثون النقد إلى : نقد بنّاء ( ايجابي) ، ونقد هدّام ( سلبي) ، ونقد ذاتي ، ونقد تقييمي .....الخ . ووضعوا أصول ومميزات كل نوع ، وساقوا الأدلة والنماذج العملية التفصيلية مع الضوابط الشرعية . وقد وردت نماذج من النقد في القرآن المشرّف والسـنّـة المطهّرة ، ومارس الصحابة والسلف الصالح عملية النقد البنّـاء الايجابي في حياتهم الفكرية والعملية : @ رسول الله حين أراد توجيه نقد الى الصحابي المتأسي عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما) ذكر بادئ الامر ايجابياته فقال : " نِـعـم الرجل عبد الله بن عمر ، لو كان يقوم من الليل " ! فما ترك قيام الليل بعد ذلك أبدا . @ علم الجرح والتعديل عند المحدثين وعلماء المصطلح هو نوع من أنواع النقد البناء العتيد . @ نفيسة العلوم ، سلسلة البيت النبوي الكريم ( رحمها الله ) ، حين توجهت بالنقد الى أحمد بن طولون ، ما فاتها أن تكون انتقاداتها حقيقية واقعية مدعمة بالأدلة والبراهين ، كتبتها في رقعة وناولته اياها لتحافظ على سرية النقد وإنزال الناس منازلهم ، لا أن تشهر به وتجرح مشاعره ، فتضيع ثمرات النقد . @ الأئمة الفقهاء الأربعة و الحسن البصري وأبو حامد الغزالي ، وأحمد بن تيمية وابن قيّـم الجوزية ، وابن مسكويه ، والماوردي والشهيد حسن البـنّــا والشهيد سيّد قطب وغيرهم من أعلام أمتنا الخالدين ، أسسوا مدارس في النقد ووجوب تقبل الرأي الآخــر واحترامه انطلاقا من قولهم : " قولي صحيح يحتمل الخطـــأ ، وقول غيري خطــأ يحتمل الصحّـــة " !!! @ الآمدي في القرن الرابع الهجري : لعل أبرز صورة للنقد في هذه الفترة الزمنية تتمثل في كتاب الموازنة للآمدي المتوفى 370 للهجرة ، إذ يعد كتاب الموازنة من أهم الكتب التي ظهرت في النقد في القرن الرابع وقد وضع هذا الكتاب أساساً قوياً لنقد الشعر والموازنة بين الشعراء وهو أثر ضخم خالد في صرح الثقافة النقدية ولقد ألفه الآمدي وهو أوائل النقاد العرب الذين نظروا لعمود الشعر وجعلوه أساسا للنقد والموازنة في الأدب العربي ، وأن السبب الذي دفع الآمدي إلى تأليف هذا الكتاب هو احتدام معركة النقد بين الشاعرين أبي تمام والبحتري واختلاف كل فريق من الفريقين في تفضيل أحد الشاعرين على الآخر ، ويذكر الآمدي في مقدمة كتابه "ولست أحبٌّ أن أطلق القولَ بأيهما أشعر عندي؛ لتباين الناس في العلم ، واختلاف مذاهبهم في الشعر، فمن فضل البحتريَّ ، نسبه إلى حلاوة الَّلفْظِ ، وحسن التخلص ، ووَضْع الكلام في مواضعه ، وصحة العبارة ، وقٌرْب المأتى ، وانكشاف المعنى ، وهُمُ الكٌتًّابُ والأعرابُ والشعراء المطبوعون وأهل البلاغة ، ومثلُ من فَضَّل أبا تمامٍ ، ونسبه إلى غُمُوض المعاني ودِقّتها ، وكثرة ما يورد مما يحتاج إلى استنباط وشرح واستخراج ، وهؤلاء أهل المعاني والشعراءُ أصحاب الصَّنعة ومَنْ يميل إلى التدقيق وفلسفي الكلام "، ويذكر الآمدي طريقين على الناقد إن يختارهما بحسب ما يفضل فيقول :"فإن كنت ممن يفضلُ سهلَ الكلام وقريبه ، ويؤثر صحة السَّبْك وحسنَ العبارة وحلْو اللفظ وكثرة الماء والرَّونق فالبحتريُّ أشعر عندك ضرورةً. وإن كنت تميل إلى الصَّنْعة ، والمعاني الغامضة التي تُسْتَخرج بالغَوْص والفكرة ، ولا تَلْوى على غير ذلك فأبو تمام عندك أشعر لا محالة "  قامات باسقة في الفكر والنقد الايجابي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكــر ، وتقبّـل الآخــر ، والحوار البنّــاء الموضوعي ، تصلح أن تكون أسوة لنا في رحلتنا مع الحياة ، بل يجب أن تكون هي الأسوة الصالحة لأنها تأخذ من مشرب خالد ومنهج مبين " الكتاب والسنة " . كم من سيداتنا الفضليات يتمنطقن بمنطق أسلافهن الصالحات ، ويتـأسـين بهن ، ويتابعن نماذج من حياتهن العملية ؟! اتصلت بي سيدة تطلب مني أن أقترح لها اسمــا لابنتها الجديدة ، وكنا في حملة صراع مع الموتورين الذين أساؤوا الى شرف الصديقة بنت الصدّيق ( عائشة البتول ، أم المؤمنين ) عليها السلام ، فاقترحت أن تسمّيها " عائشـــة " ، ولكن المتصلة تنصلت وقالت : اسم بلدي وقديم ، وبكرة بالمدرسة يحرج بنتي !!!  سارعت وقلت لها : انت حرة يا أختي . وبعد فترة علمت أنها أسمتها " سالومي " ، ويا ليتها عرفت من هي سالومي ! ويا ليتها عملت مقارنة بسيطة بين عائشة وسالومي !!! أقول : يا ليتها ! هي أحبت الاسم استهواءً وجهالة ، كونه غريب حتى لو خالف عقيدتها ، ،،والامثلـــة كثيرة حول ردّتنا الحضارية ، والأمر الأدهــى والأمـرّ أننا لا نقبل النقد ولا الرأي الآخر ، ونزعم أننا متحضرون متمدنون ، ولا نملك من مفاتح المدنية في عقولنا شروى نقير !!!

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا

النقد فن التمييز بين الأساليب ، وتبيان مميزات العمل والسلوك الايجابية وعيوبه ، او هو الحكم لصالح العمل و القول و الصفة ، أو ضده ...

وكلمة ( نقد \ \ ن ق د ) في اللغة العربية ، تعني تمييز الدراهم ، وإخراج الزائف منها ،فالناقد أو النقّـاد هو من يقوم بعملية التمييز هذه ، ثم تطورت اللفظة بعد ذلك الى الكشف عن محاسن الاقوال والصفات والأفعـال ( الأدبية او الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية أو ..... ) وبيان مساوئها ومحاسنها . ثم عرفت ساحة البحث الناقد الأدبي والمحلل السياسي والباحث الاجتماعي والتربوي والاقتصادي ، وكلها عمليات نقدية ، لها مدارسها وضوابطها ...

وصنف الباحثون النقد إلى :
نقد بنّاء ( ايجابي) ، ونقد هدّام ( سلبي) ، ونقد ذاتي ، ونقد تقييمي .....الخ . ووضعوا أصول ومميزات كل نوع ، وساقوا الأدلة والنماذج العملية التفصيلية مع الضوابط الشرعية .
وقد وردت نماذج من النقد في القرآن المشرّف والسـنّـة المطهّرة ، ومارس الصحابة والسلف الصالح عملية النقد البنّـاء الايجابي في حياتهم الفكرية والعملية :
@ رسول الله حين أراد توجيه نقد الى الصحابي المتأسي عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما) ذكر بادئ الامر ايجابياته فقال : " نِـعـم الرجل عبد الله بن عمر ، لو كان يقوم من الليل " ! فما ترك قيام الليل بعد ذلك أبدا .
@ علم الجرح والتعديل عند المحدثين وعلماء المصطلح هو نوع من أنواع النقد البناء العتيد .
@ نفيسة العلوم ، سلسلة البيت النبوي الكريم ( رحمها الله ) ، حين توجهت بالنقد الى أحمد بن طولون ، ما فاتها أن تكون انتقاداتها حقيقية واقعية مدعمة بالأدلة والبراهين ، كتبتها في رقعة وناولته اياها لتحافظ على سرية النقد وإنزال الناس منازلهم ، لا أن تشهر به وتجرح مشاعره ، فتضيع ثمرات النقد .
@ الأئمة الفقهاء الأربعة و الحسن البصري وأبو حامد الغزالي ، وأحمد بن تيمية وابن قيّـم الجوزية ، وابن مسكويه ، والماوردي والشهيد حسن البـنّــا والشهيد سيّد قطب وغيرهم من أعلام أمتنا الخالدين ، أسسوا مدارس في النقد ووجوب تقبل الرأي الآخــر واحترامه انطلاقا من قولهم :
" قولي صحيح يحتمل الخطـــأ ، وقول غيري خطــأ يحتمل الصحّـــة " !!!

@ الآمدي في القرن الرابع الهجري : لعل أبرز صورة للنقد في هذه الفترة الزمنية تتمثل في كتاب الموازنة للآمدي المتوفى 370 للهجرة ، إذ يعد كتاب الموازنة من أهم الكتب التي ظهرت في النقد في القرن الرابع وقد وضع هذا الكتاب أساساً قوياً لنقد الشعر والموازنة بين الشعراء وهو أثر ضخم خالد في صرح الثقافة النقدية ولقد ألفه الآمدي وهو أوائل النقاد العرب الذين نظروا لعمود الشعر وجعلوه أساسا للنقد والموازنة في الأدب العربي ، وأن السبب الذي دفع الآمدي إلى تأليف هذا الكتاب هو احتدام معركة النقد بين الشاعرين أبي تمام والبحتري واختلاف كل فريق من الفريقين في تفضيل أحد الشاعرين على الآخر ، ويذكر الآمدي في مقدمة كتابه "ولست أحبٌّ أن أطلق القولَ بأيهما أشعر عندي؛ لتباين الناس في العلم ، واختلاف مذاهبهم في الشعر، فمن فضل البحتريَّ ، نسبه إلى حلاوة الَّلفْظِ ، وحسن التخلص ، ووَضْع الكلام في مواضعه ، وصحة العبارة ، وقٌرْب المأتى ، وانكشاف المعنى ، وهُمُ الكٌتًّابُ والأعرابُ والشعراء المطبوعون وأهل البلاغة ، ومثلُ من فَضَّل أبا تمامٍ ، ونسبه إلى غُمُوض المعاني ودِقّتها ، وكثرة ما يورد مما يحتاج إلى استنباط وشرح واستخراج ، وهؤلاء أهل المعاني والشعراءُ أصحاب الصَّنعة ومَنْ يميل إلى التدقيق وفلسفي الكلام "، ويذكر الآمدي طريقين على الناقد إن يختارهما بحسب ما يفضل فيقول :"فإن كنت ممن يفضلُ سهلَ الكلام وقريبه ، ويؤثر صحة السَّبْك وحسنَ العبارة وحلْو اللفظ وكثرة الماء والرَّونق فالبحتريُّ أشعر عندك ضرورةً. وإن كنت تميل إلى الصَّنْعة ، والمعاني الغامضة التي تُسْتَخرج بالغَوْص والفكرة ، ولا تَلْوى على غير ذلك فأبو تمام عندك أشعر لا محالة "

قامات باسقة في الفكر والنقد الايجابي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكــر ، وتقبّـل الآخــر ، والحوار البنّــاء الموضوعي ، تصلح أن تكون أسوة لنا في رحلتنا مع الحياة ، بل يجب أن تكون هي الأسوة الصالحة لأنها تأخذ من مشرب خالد ومنهج مبين " الكتاب والسنة " .

كم من سيداتنا الفضليات يتمنطقن بمنطق أسلافهن الصالحات ، ويتـأسـين بهن ، ويتابعن نماذج من حياتهن العملية ؟!
اتصلت بي سيدة تطلب مني أن أقترح لها اسمــا لابنتها الجديدة ، وكنا في حملة صراع مع الموتورين الذين أساؤوا الى شرف الصديقة بنت الصدّيق ( عائشة البتول ، أم المؤمنين ) عليها السلام ، فاقترحت أن تسمّيها " عائشـــة " ، ولكن المتصلة تنصلت وقالت : اسم بلدي وقديم ، وبكرة بالمدرسة يحرج بنتي !!!

سارعت وقلت لها : انت حرة يا أختي .
وبعد فترة علمت أنها أسمتها " سالومي " ، ويا ليتها عرفت من هي سالومي !
ويا ليتها عملت مقارنة بسيطة بين عائشة وسالومي !!! أقول : يا ليتها !
هي أحبت الاسم استهواءً وجهالة ، كونه غريب حتى لو خالف عقيدتها ، ،،والامثلـــة كثيرة حول ردّتنا الحضارية ، والأمر الأدهــى والأمـرّ أننا لا نقبل النقد ولا الرأي الآخر ، ونزعم أننا متحضرون متمدنون ، ولا نملك من مفاتح المدنية في عقولنا شروى نقير !!!
تعليقات