الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا
هناك آراء فقهية في الاسلام تأثرت بالفكر الفلسفي الغربي بمختلف مشاربه وخاصة المشرب الديني المسيحي، كما أن هناك نصوصاً وأحكاماً فقهية شوهاء لا تنتسب الى الاسلام وقد أثرت عن فقيه ما تأثرت بحال الفقيه وظروفه النفسية والاجتماعية والسياسية ، كل ذلك على رغم أن الإسلام بمصدريه الاثيلين الكتاب والسنة أقوالا وأفعالا أنصفت المرأة وأعطتها كامل الحقوق لكل جوانب إنسانيتها. ، فالامام النووي لم يتزوج وكذلك كثيرون من فقهائنا فهل نعتبر هذا الموقف الخاص لظرف خاص سنة لنا في حياتنا ونضرب بالسنة الحقيقية لقدوتنا المصطفى بابي هو وامي ، وها هو الاصولي الفقيه الصوفي الغزالي أبو حامد يكتب لنا في موسوعته الشهيرة «الإحياء» رؤيته للمرأة قائلا: «والغالب عليهن سوء الخلق، وركاكة العقل، ولا يعتدل ذلك منهن إلا بنوع لطف ممزوج بالسياسة» ثم هو يرى أن «على المرأة أن تكون قاعدة في قعر بيتها لازمة لمغزلها، لا يكثر صعودها، قليلة الكلام لجيرانها)) وهي رؤية حولاء لا تعبر عن الفلسفة الاسلامية بحال ، وانما تعبر عن فلسفة ابي حامد وحده ، والمصيبة الكبرى ان كثيرين يكتبون ويهرفون ويطنطنون ويستشهدون باقوال الغزالي ظنا منهم انه يمثل الاسلام كاملا !!!!
ومن جهة ثانية هناك صورة نـمطية سيئة شائعة عن المرأة بيننا وهي التي رسمـتها الفلسفة اليونانية الاغريقية وانتقلت الينا بالترجمة لكتبهم وثقافتهم او بحكم جوارهم والتأثر ببعض ممارساتهم وتجاربهم ، ثم وجدت عندنا أرضاً خصبة، حتى أنها ارتدت ثوباً دينياً، وأصبحت فكرة مقدسة لا يأتيها الباطل! وهذا ظاهر عند عمالقة الفكر اليوناني «سقراط، أفلاطون، أرسطو» الذين أصبحت فكرتهم جزءاً من التراث الفلسفي بكافة اطيافه ورؤاه السلبية والايجابية الذي انتقل إلى العالمين المسيحي والإسلامي بسائر عجره وبجره فلقيت ترحاباً كبيراً، واستعداداً لترديدها ولدعمها من الناحية الدينية»، ولئن استمرأ الاوروبيون هذه السفسطة والهرطقة اللادينية واسبغوا عليها لباسا كهنوتيا فالامر مختلف لدينا ، والسبب ببساطة ان لدينا مرجعية راسخة في الكتاب والسنة وليس في ما يسمى طبقة رجال الدين ، والقاعدة الذهبية لدينا ان الرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال !
أن هناك نصوصاً وأحكاماً فقهية تأثرت بحال الفقيه وظروفه النفسية والاجتماعية والبيولوجية ، كل ذلك على رغم أن الإسلام بمصدريه الكتاب والسنة أنصفت المرأة وأعطتها كامل الحقوق وان ما قاله أبو حامد أن «على المرأة أن تكون قاعدة في قعر بيتها لازمة لمغزلها، لا يكثر صعودها، قليلة الكلام لجيرانها...» هو رايه الشخصي وعلى ذمته ولا يمثل النظرة الاسلامية بحال ، فالنساء شقائق الرجال وهن مساويات للرجل في التكليف والجزاء والكرامة الانسانية . ولو تابعنا الغزالي ، في كتابه الاصولي «المستصفى في أصول الفقه» للاحظنا ان ليس فيه مبحثا خاصا للمرأة إلا ستة أسطر في مبحث يتداوله بعض الأصوليين تندرا وهو: «دخول النساء تحت حكم المضاف إلى الناس» فمن الفقهاء من يجعل هذه المسألة من أوائل المسائل التي حدثت في الإسلام «في صلح الحديبية سنة ست للهجرة» فالمرأة عند بعض الفقهاء هي بمنزلة العامة والمهمشين! وفي كتاب «تلبيس إبليس» لابن الجوزي جعل الباب الثاني عشر لتلبيس إبليس على العوام وضمنه فصلاً في تلبيسه على النساء! وفي كتاب مقالات الإسلاميين للأشعري فصل بعنوان: «قولهم في حكم العامة وأشباههم» يقول فيه: «واختلف العلماء في العامة والنساء الذين على جملة الدين إذا خطر ببالهم التشبيه على قولين...»، بل قد تكون المرأة بمنزلة المجنون! فابن قدامة في المغني عند حديثه عن إمامة الرجال في الصلاة يشبه المرأة بالمجنون فيقول: «ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تؤم امرأة رجلاً» ولأنها لا تؤذن للرجال فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون»! ، وهو تعليل غير موفق بالتمام والكمال ، لكنه يمثل وجهة نظر المؤلف ذاته وليس الاسلام ، والاسلام بشقه الفقهي يمنع امامة المرأة للرجال لاعتبارات القوامة والولاية وسد ذريعة بعض المفاسد العائلية ، وبالجملة لا تؤم المرأة رجلا لأن الاسلام نهاها عن ذلك والسلام ، اما امامتها للنساء فلا خلاف عليها وقد شهد تاريخ الدعوة نساء فعلن ذلك بتفويض نبوي كريم ...
و القرطبي في كتابه المفهم يعلق على حديث الثلاثة الذين جاءوا على بيوت النبي عليه الصلاة والسلام وقال أحدهم: «أما أنا فلا أتزوج النساء» يقول القرطبي: «وحديث أنس وسهلٍ يدلان على أن التزويج أفضل من التفرغ للعبادة، وهو أحد القولين المتقدمين، ويمكن أن يقال: كان ذلك في أول الإسلام، لما كان النساء عليه من المعونة على الدِّين والدنيا، وقلّة الكلف، والتعاون على البر والتقوى، والحنوّ، والشفقة على الأزواج، وأمَّا في هذه الأزمان فنعوذ بالله من الشيطان والنسوان، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد حلَّت العزلة والعزبة، بل وتعيّن الفِرار من فتنتهنَّ، والرحلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله»، ويتناقل هذا النص ويؤيده الفقيه «الأبي» كما نقله عنه ابن علان في «دليل الفالحين طرق رياض الصالحين» وكم من خطيب مسجد رفع عقيرته بهذا الحديث وأكد دونية المرأة وعزا ذلك للاسلام والاسلام عكس ذلك تمتما : أعزها وأكرمها وساواها بالر جال !!!
أكتب تعليقك هتا