الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا
- الفَغْو والفَغْوَة والفاغِيةُ ( ف غ ا ) : الرائحة الطيبة؛ عمومـــاً ، والفَغْوة : الزهــرة ،
وأَفْغَتِ الشجرة إِذا أَخرجت فاغِيَتها، وقيل: الفَغْو والفاغِيةُ نور الحِناء خاصة، وهي طيبة الريح تَخْرج أَمثال العناقيد وينفح فيها نَوْر صِغار فتُجْتَنَى ويُـرَبَّب بهـا الدُّهـن والعـطــر . وفي دولة الامارات وجدت أكثر البدو الذين عايشتهم يطلقون اسم الفاغيــة على نوار " زهــر " الحنّــاء .
وقال الفيروزابادي : يُغْرَسُ غُصْنُ الحِنَّاءِ مَقْلوباً، فيُثْمِرُ زَهْراً أطْيَبَ من الحِنَّاءِ، فَذَلِكَ الفاغِيَةُ.
وهذا يتوافق مع ما جاء في الحديث الشريف : سَيِّدُ رَيْحانِ أهلِ الجنةِ الفاغِيةُ؛ وقال الأَصمعي: الفاغِيةُ نَوْرُ الحِنَّاء، وقيل : نَـوْر الريحان، وقيل: نَوْر كل نبت من أَنوار الصحراء التي لا تزرع ، وهنا نجد أنفسنا أمام نظرية متكاملة في الاسماء عند العرب ، تلك الامة العريقة ، فالفاغية والفغو من متلازمات أزهار الصحراء ، ويخصون أزهار النباتات التي تنبت تلقائيا دون ان يزرعها أحـد من البشـر .
وسئل الحسن عن السَّلَف في الزعفران فقال : إِذا فَغا ، يريد إِذا نَوَّر أي أزهـر ، قال: ويجوز أَن يريد إِذا انتشرت رائحته، من فَغَتِ الرائحةُ فَغْواً، والمعروف في خروج النَّوْر من النبات أَفْغى لا فَغا. وقال الفراء وهو حجة في اللغة : هو الفَغْوُ والفاغِيةُ لنَوْرِ الحِناء. أما ابن الأَعرابي وهو مضارع للفرّاء فيقول : الفاغِيةُ أَحْسَنُ الرَّياحِينِ وأَطيَبُها رائحة. وذكر شمر : الفَغْوُ نَوْر، والفَغْوُ رائحة طيبة؛ وقال الشاعر الأَسود بن يعفر :
أم هل أراد به البسر الفاسد ، والبسر مرحلة من مراحل تشكّـل التمر قبل نضجه وصلاحه للأكل ؟؟؟؟ الله أعلم بقصده ، وكما قيل : المعنى في ضمير الشاعر !!!
- وتقول العرب في جانب ثانٍ : الفَغى ( ف غ ى ) في جانبٍ من معانيه المتناغمة والمتراســلة جذوريا : ما يَخرج من الطعام فيُرمى به كالغَفى . قال أَبو العباس المبرّد : الفغى الرديء من كل شيء من الناس والمأْكول والمشروب والمركوب؛ وأَنشد :
وقال ابن سيده : والفَغى مَيَلٌ في الفم والعُلْبة والجَفْنة.
والفَغى : داء ؛ عن كراع ، ولم يَحُدّه، قال : غير أَني أُراه المَيَل في الفم .
وأَخذَ بفَغْوه أَي بفمه . والميلان في الفم وشق من الوجه هو مرض عصبي ـ خَـذَل او ارتخاء في العصب الوجهي ، ويقال لصاحبه " الألوق " ، وكان الناس المصابون به في حوران والريف الشامي يلتمسون العلاج له غند الصوفية ، فيجلدون المصاب بحذائهم ويشفى !
وأَفْغى الرجلُ إِذا افتقر بعد غنى ، وأَفْغى إِذا عَصى بعد طاعة ، وأَفغى إِذا سَمُجَ بعد حُسْن ، وأَفْغى إِذا دام على أَكل الفَغى ، وهو المُتغَيِّر من البُسر المتترّب الفاسد .
والفَغْواء : اسم ، وقيل : اسم رجل أَو لقب ؛ قال عنترة :
وهكذا لاحظنا أن الاسم سلبي في جانبٍ من معانيه (( ف غ ى \\ فغى )) بالالف المقصورة ، وايجابي في الجانب الاول (( ف غ ا \\ فغــا )) بالألف الممدودة ، كما قدّمنا ، فما موقف العرب من هذا الاسم ؟
نعلم أنهم كانوا يسمون أبناءهم بأسماء كريهة ليرعبوا بهم الاعداء ، ويسمون العبيد والجواري باسماء جميلة تؤنسهم في مجالس السمر ، ولذلك ســموا الفاغية على الحالتين : الفغا ايجابيا ، والفغى سلبيا ، والجمـــع " فواغي " ، وهي عادة عربية لازالت قائمة وهي تسمية الأنـثـى بصيغة الجمع ( جواهر وزينات وورود ومحاسن و ..... الخ ) ، أما عن وجه الاشتقاق :
قال ابن الأنباري عن قوله تعالى : (( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف...)) الآية.87 من سورة التوبة : الخوالف لا يقع إلا على النساء ، إذ العرب تجمع فاعلة" فواعل " ، فيقولون : ضاربة ، وضوارب ، وشاتمة ، وشواتم ؛ وكافرة وكوافر ، شــاعرة وشــواعر ...ولا يجمعون فاعلًا على " فواعل" ، إلا في حرفين : ( أي كلمتين اثنتين ) هما : فوارس ، وهوالك ؛ قلنا : فيجوز أن يكون مع الخوالف ، أي المتخلفات في المنازل . وهو جمع خاص بالانثى ، وفي الذكور يجوز فقط ان تقول :
وهكذا كان جمع فاغية " فـواغـي " وهو اسم جميل يدل على الازهار عموما ، أو على زهـر نبات الحناء والريحان خاصة أو العطر المنبعث منهما ... وقد سمعت بل وأعرف سيدات فاضلات حملن هذا الاسم في الخليج العربي وبادية الشام ، وتَسـَــمّى به القدمـــاءُ بدليل شـعـر عنترة آنف الذكــــر .....
أكتب تعليقك هتا