القاهرة (رويترز)
علاء عبد الفتاح مطور برمجيات ومدون مصري بريطاني ينتمي لأسرة ناشطة برز اسمه على الساحة خلال انتفاضة الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنه أصبح الآن رمزا للمعاناة جراء حملة القمع اللاحقة.
بثت ثورة 2011 نفحات من الأمل بين جيل من النشطاء في مصر وخارجها، لكن سرعان ما سقط عبد الفتاح في قبضة حملة القمع الأمني اللاحقة، وقضى معظم العقد التالي خلف القضبان.
بدأ عبد الفتاح (40 عاما) إضرابا مفتوحا عن الطعام في الثاني من أبريل نيسان، احتجاجا على احتجازه ومعاملته في السجن. وحصل مؤخرا على الجنسية البريطانية، وهي خطوة كانت تأمل أسرته أن تساعد في إطلاق سراحه ولفت الانتباه إلى محنة زملائه السجناء.
وقالت شقيقة عبد الفتاح إنه كان يعتزم التوقف عن شرب الماء في السادس من نوفمبر تشرين الثاني، تزامنا مع افتتاح مؤتمر المناخ (كوب27) في مدينة شرم الشيخ والذي سلط الأضواء العالمية على مصر.
وصرح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بإنه سيثير قضية عبد الفتاح مع القيادة المصرية خلال القمة، وهي تجمع سنوي تنظمه الأمم المتحدة لقادة العالم.
وبدون ماء، قد تتدهور صحة الناشط المصري سريعا في الأيام المقبلة خلال انعقاد القمة في منتجع شرم الشيخ السياحي المطل على البحر الأحمر.
كان عبد الفتاح قد أمضى فترات معتقلا في عهد الرئيس الأسبق مبارك وبعد فترة وجيزة من الانتفاضة، لكن بعد أن أطاح عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش آنذاك، بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 بعد احتجاجات حاشدة ساءت حظوظ علاء عبد الفتاح. وسادت حملة قمعية شملت الإسلاميين واليساريين والليبراليين على حد سواء.
وفي كتاب من مؤلفاته، التي تم تهريب بعضها من زنزانته، كتب عبد الفتاح أنه ما كان ليظن قط أنه "بعد ثورة أطاحت بطاغية، سأعود إلى سجونه".
* استراحة قصيرة
سُجن عبد الفتاح خمس سنوات في 2014، وهو العام الذي وصل فيه السيسي إلى منصب الرئيس، بسبب التظاهر دون الحصول على تصريح. ثم أُطلق سراحه تحت المراقبة في عام 2019، وتم لم شمله مع ابنه الصغير، لكن كان عليه النوم كل ليلة في مركز للشرطة.
لكن سرعان ما اعتقل في سبتمبر أيلول 2019 خلال موجة اعتقالات أعقبت احتجاجات نادرة ضد السيسي.
وفي ديسمبر كانون الأول عام 2021، حُكم على عبد الفتاح بالسجن خمس سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، لمشاركته منشورا على مواقع التواصل الاجتماعي عن وفاة سجين. ويتم توجيه هذا الاتهام عادة لمنتقدي الحكومة والنشطاء الذين يكتبون منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن عشرات الآلاف من سجناء الرأي احتُجزوا في عهد السيسي، في كثير من الأحيان دون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة، وإنهم عانوا من عدد من الانتهاكات بما في ذلك التعذيب.
ولم ترد وزارة الداخلية على طلب من رويترز للتعليق على قضية عبد الفتاح.
وكانت السلطات المصرية أوضحت سابقا أن الحملة على المعارضة وتقييد الحريات كان ضروريا لتحقيق الاستقرار في البلاد، وأن الحكومة تعزز حقوق الإنسان من خلال العمل على توفير الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن. وينفي مسؤولون وجود سجناء سياسيين في مصر أو إساءة معاملة المحتجزين.
وفي مواجهة الانتقادات الأجنبية، بما في ذلك المتعلقة بإدانة عبد الفتاح، قالت الحكومة المصرية إن الأحكام القضائية عادلة ونزيهة ومستقلة.
* عائلة مسيسة
نشأ عبد الفتاح في أسرة مثقفة ومسيسة بدرجة كبيرة. والدته هي الناشطة وأستاذة الرياضيات ليلى سويف، وكان والده أحمد سيف، الذي توفي عام 2014، محاميا وناشطا يساريا سُجن في عهد مبارك وسلفه الرئيس أنور السادات.
ورٌشحت خالة عبد الفتاح، الروائية أهداف سويف، لجائزة البوكر عام 1999.
وتناضل أسرته منذ فترة طويلة من أجل إطلاق سراحه. وسُجنت إحدى شقيقاته، سناء، عام 2020 بعد أن حاولت تقديم شكوى بشأن الاعتداء عليها وعلى والدتها أثناء محاولتهما الحصول على أي معلومات بشأنه خارج سجن طرة سيء السمعة بالقاهرة حيث كان محتجزا.
وتقول أسرته إنه في سجن طرة، الذي نزل به بعد إدانته في محاكمة وصفتها الأسرة بأنها غير عادلة، احتُجز عبد الفتاح في زنزانة لا تدخلها أشعة الشمس، وحُرم من الكتب والأخبار والتمارين الرياضية، وتعرض لسوء المعاملة من حراس السجن.
وفي كلمة أمام النيابة، قال عبد الفتاح في نوفمبر تشرين الثاني عام 2019 "ظروفي ليست إلا قطرة في بحر الظلم". ونُشرت الكلمة ضمن مجموعة من المقالات المختارة له في كتاب بعنوان (أنت لم تهزم بعد) عام 2021.
وتم الإفراج عن عدد من السجناء السياسيين البارزين مزدوجي الجنسية في مصر وترحيلهم على الفور خارج البلاد، بشرط التنازل عن جنسيتهم المصرية.
* "سأموت في السجن"
في 18 مايو أيار، أعلنت وزارة الداخلية نقل عبد الفتاح من سجن طره بالقاهرة إلى سجن في وادي النطرون شمال غربي العاصمة، بناء على طلب من المجلس القومي لحقوق الإنسان المعين من قبل الحكومة المصرية.
هناك، وُضع في زنزانة مع ثلاثة آخرين، وأبلغ عبد الفتاح عائلته في يونيو حزيران أنه سُمح له بالخروج من الزنزانة لأخذ استراحة لمدة 30 دقيقة. كما سُمح له بالحصول على الكتب واستقبلت أسرته عدة رسائل منه بين الزيارات الشهرية.
وقالت أسرة عبد الفتاح، الذي بدأ إضرابه بتناول الماء والملح فقط، إنه سمح لنفسه بكميات قليلة جدا من الطعام، بحد أقصى 100 سعر حراري يوميا، كي يتمكن من مواصلة احتجاجه.
وبحلول يونيو حزيران، قالت والدته لرويترز إنه أصبح أضعف من أن يتسلق النافذة المرتفعة في الزنزانة ليتسنى له النظر للسماء أو أن يغسل ملابسه بنفسه. كما توقف عن تناول الشاي والعسل الأسبوع الماضي.
وذكرت والدة عبد الفتاح إن ابنها قال لها خلال إحدى الزيارات "سأموت في السجن. احرصوا فقط على أن يدفعوا الثمن".
أكتب تعليقك هتا