أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا إنْ أنسَ لا أنسَ من الشعر قصيدةَ أمير الشعراء شوقي وفيها : وللحرية الحمراء بـــابٌ = = = بكل يَـدٍ مضـرّجـةٍ يُـدَقُّ ولا رائعـةً معـاصرةً للشـاعـر أحـمـد مطـــــــــــر حيث يقـولُ فيهـا عن الحريّــة :  أخبرنا أستاذي يوما عن شيء يُدعى الحريـــة.. فسألت الأستاذ بلطف أن يتكلم بالعربيــــــــــة ما هذا اللفظ وما تعنى وأية شيء حريــة ..؟ هل هي مصطلح يوناني عن بعض الحقب الزمنية ..؟ أم أشياء نستوردها أو مصنوعات وطنيـــة ..؟ فأجاب معلمنا حزنا وانساب الدمع بعفويــــــــة قد أنسوكم كل التاريخ وكل القيم العُـلْـويــــــــة أسفي أن تخرج أجيال لا تفهم معنى الحريـــــة لا تملك سيفا أو قلما لا تحمل فكرا وهويــــــــة .. وعلمت بموت مدرسنا في الزنزانات الفرديـــة .. فنذرت لئن أحياني الله وكانت بالعمر بقيــــــــة لأجوب الأرض بأكملها بحثا عن معنى الحرية. فما دلالات الحرية في لغة الجذور،وفي عقلية العربي ،وكم شغلت منها وكيف اشتقوا لها اسمها ؟ الحرية من الجذر الثلاثي ( ح ر ر ) وقال الكسائي : حَـرِرْتَ تَحَـرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير..  وقال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛ قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل .  وفي حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه؛ الحرار، بالفتح: مصدر من حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، والاسم الحُرِّيَّــةُ ..وهناك ايضا (حَرَّ يَحِرُّ إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيده: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وقيل: شدته. قال الجوهري: ومنه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد، ويقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة .ورجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان عن اللحياني؛ وامرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى.وفي الحديث الشريف : في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ)؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ وهي تأْنيث حَرَّان وهما للمبالغة وفي رواية " رطبة " ، وفي هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا ظمئت ترطبت، وكذا إِذا أُلقيت على النار، وقيل: كنى بالرطوبة عن الحياة فإِن الميت يابس الكبد ، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه . ابن سيده: حَرَّتْ كبده وصدره وهي تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛ قال: وحَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلاَّ أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ ، واسْتَحَرَّتْ، كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، ومصدره الحَرَرُ.  والعرب تقول في دعائها على الإِنسان : " ما له أَحَرَّ اللهُ صَدْرَه أَي أَعطشه "وقيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. وفي الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ يريد العطش مع البرد؛ وأَورده ابن سيده منكراً فقال : ومن كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في يوم بارد ؛ وقال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد.  وقال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة وحَراوَةٌ، بالراء والواو ( ح ر و ) . وتـأمّـل معي أعـزّكَ الله : الحَرَّة : حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ ، وهو عند خروج الروح . وامرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وهي القِدَاحُ : خَرَجْنَ حَرِيـراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً،= = = ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ وفي التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ ؛ وحَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ حَرارَة في صدورهن ، وحَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة ، وإِنما دخلتها الهاء لما كانت في معنى حزينة ، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنهـا في معنى رَشِيدَة. قال: والمِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة وكل ما قدمناه ليس بيت القصيد(1) . ونورد في أول اشتقاقات الحرية قوله تعالى : ((إِنـــي نذرتُ لك ما في بطني مُحَــرَّراً فَتَقَبَّلْ منِّي )) ســورة آل عمران \ 35 ؛ قال الزجاج : هذا قول امرأَة عمران ومعناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، وكان ذلك جائزاً لهم، وكان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم ولعُبَّادِهم، ولم يكن ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور(2)، والراجح في (مُحَرَّراً ) والله أعلم ، متحررا من أي خدمة عدى خدمة الرب تعالى , وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بفتح الحاء؛ قال:  فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني ===فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيـقُ فما رُدَّ تـزوِيجٌ عليه شَـــهـادَةٌ، == =ولا رُدَّ من بَعْـدِ الحَـرارِ عَتِيقُ والكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر: سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أَن أَحداً جاء به؛ وقال ثعلب: قال أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها في الإِماء.( يطعن في أرومتها ) .  والحُرُّ من الناس كما تراه العرب ، أَخيارهم وأَفاضلهم ، وهذا من تشوفهم للحرية وتمجيدهم لها .  وحُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ وقال ذو الرمة: فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ = = =على حُـرِّيَّـةِ العَـرَبِ الهُزالى ( أَي على أَشرافهم. قال: والهزالَى مثل السُّكارى، وقيل: أَراد الهزال بغير إِمالة؛ ويقال: هو من حُرِّيَةِ قومه أَي من خالصهم) .والحُـرُّ من كل شيء: أَعْتَقُه ...  وفرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. أي أصيل وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها. وحُــرُّ المال أطيبه وأعلاه وأحســنه . والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والأزاذ من أفخر أنواع التمـور التي عرفها العرب . والحُـرُّ: كلُّ شيء فاخِرٍ من شِـعْـرٍ أَو غيره.( وبالطبع لا يدخل هنا الشعر الحديث الحـر بحال ، فهو من أردأ ضروب الشـعـر مقارنة بالشعـر العربي الموزون ) .  وحُرُّ كل أَرض ، وسَطُها وأَطيبها . والحُرَّانِ : نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا ، والعرب تعتبرهما من خيار النجوم فائدة .  والحُرَّانِ : الحُرُّ وأَخوه أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان وإِذا كان هناك أَخوان أَو صاحبان وكان أَحدهما أَشهر من الآخر سُميا جميعاً عند العرب باسم الأَشهر منهما ( كقولنا مثلاً: العمرين عن ابي بكر وعمر والاسودين والثقلين ووو......الخ ) ؛ قال المنخّل اليشكري:  أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني = = = مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بها أُبَيَّــا فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ، = = = فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّـــا يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ، = = = ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا قال : وسبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل اليشكري، وكان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في رجله ورجلها، فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال ، فأَخذ المنخّـل ودفعه إِلى عِكَبٍّ اللَّخْمِيّ صاحب سجنه ، فتسلمه فجعل يطعن في قفـاه بالصُّمُلَّةِ، وهي حربة كانت في يده..  والحُــرَّةُ : الكريمة من النساء ؛ وشاهدنا في ذلك ما قاله الأَعشى : حُـرَّةٌ طَفْـلَـةُ الأَنامِلِ تَرْتَبْـ= = = ــبُ سُـخاماً، تَكُفُّه بِخِـلالِ قال الأَزهري : وأَما قول امرئ القيس: لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ، ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر ولا يكف عن هواه؛ والمعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله ويَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في فعله ؛ ويقال لأَوّل ليلة من الشهر : ليلةُ حُـرَّةٍ ، وليلـــةٌ حُـرَّةٌ ، ولآخـر ليلـة: شَيْباءُ . وفي حديث إسلام هند أم معـاوية بن ابي سفيان ( رضي الله عن ثلاثتهم ) قالت هند : أوَتزني الحُــرَّة ؟؟؟!!! وهي جملة تستحق أن تكتب بماء الذهب !.  وباتت فلانة بليلةِ حُـرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة زفافها ولم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها ؛ قال النابغة يصف نساء :  شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ، = = = يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ ونقل الأَزهري عن الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر فيهـا عـلى اقْتضاضها ليلةُ حُـرَّةٍ؛ يقال : باتت فلانةُ بليلة حُـرَّةٍ؛ وقال غير الليث : فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي بِلَيْلَةٍ شَـيْبَـاءَ. قلت : ليلة حُرة بالضم ، لعلها تمنح صاحبتها حريـة الاستمرار مع هذا الزوج ، أو مفارقته إن شاءت ، والله أعلم .  وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري: الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ وسحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛ قال عنترة: جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ، فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة . وحُرُّ البَقْلِ والفاكهة والطين : جَيِّدُها  وفي الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، من الحُسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أَحَـرَّ حُسْناً منه ؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ. . وهكذا نظر العربي الى الحرية قيمـةً من القيم التي تهفو اليها النفوس وتشرئب لها العيون ، وتضحي لأجلها بالغالي والنفيس ، وليس غريبا ولا عجيبا ، أن يكون جواب عربيّ لكسـرى ، حين سأله : لماذا لم تقم للعرب مملكة ( طبعا قبل الاسلام )؟ فقال العربي :  كيف تقوم لنا مملكة ، وكل واحدٍ فينا يعتبر نفسه ملكـا ً !!! وجاء الاسلام وأطــر الحرية في إطار عقائدي أخلاقي حضاريّ راقٍ ، فجعل تحرير الرقاب من أجل الاعمال ، فتسابق المسلمون في الاعتاق استجابة لذلك . قال تعالى : (( وما أدراك ما العقبة ؟ فكُّ رقبة )) سورة البلد \ 12 – 13 ، وفك الرقبة هو تحريرهـا من الرق والعبودية ،  لقد كان الرق من الأمور المنتشرة قبل الإسلام ، ولما جاء الإسلام لم يكن طرفا أوحد فيها، ولكنه جفف منابعها، ودعا إلى تركها ، وجعل عتق الرقاب من أفضل الأعمال المقربة إلى الله تعالى ، وأبدى الإسلام رغبته في تحريمه من جميع الأطراف ، فقال عن أسرى الحرب وهم بحكم الرقيق في شريعة العصر : L( فَإِمَّا مَنًّا بعدُ وإمَّا فِداءً حتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزَارَها )) سورة محمد \ 4 ، ولكنه ما كان يعقل أن لا يكون هناك أسرى حرب في الإسلام ، في حين تسبى نساؤهم ويُـرق رجالهم ،،، .أما تحريم الخمر أو الربا ، فكان في معاملة المسلمين أنفسهم ، وهم قد يكونون طرفا واحدا فيهما ، فحرمهما عليهما . .والمنصف يرى حال البشرية وموقفها من الرق بجانب موقف الإسلام في العصر القديم، ليرى أن الديانات الأخرى كانت تدعو إلى الرق والاستعباد ، في الوقت الذي كان يدعو الإسلام إلى تحرير العبيد والمساواة الإنسانية بين بني البشر جميعهم فلا تفاضل الا بالعمل الصالح والاخلاق والتقوى ... وبعد هذه الأدلة العظيمة التي تدل على عظمة الإسلام, وبيان الموقف العادل والمعاملة الرحيمة للعبيد وتجفيف منابع الرق وفتح أبواب تحريرهم ، يأتي أعداء الإسلام من المستشرقين والماديين الملحدين فيصفون الإسلام بأنه يقر الرق، ويبارك ملاك الرقيق، ويروجون لباطلهم القائم على تصيد الشبهات الواهية, وتلفيق الأكاذيب والافتراء على الله تعالى وعلى شريعته وأحكام دينه الحنيف ،.  ومقولة سيدنا عمر لابن عمرو بن العاص ،" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " لا تزال تدوّي في الأسماع ، وهي أبلغ من مواد كثيرة تتبجح بها منظمات حقوقية إذ تعلن أن الناس يولدون أحرارا ، منذ اللحظة الاولى ، ذلك أنها مقولات صورية شكلية (بروتوكولية ) ، أما مقولة الفاروق عمر فقالها في ساحة التطبيق ، قالها والدّرّة بيده ( سوطه أو عصـاه ) ، يناولها للقبطي المصري المظلوم قائلا : اضرب ابن الأكرمين ،،، ويضربه فعلا حتى يشتفي وينال حقه أمام أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضـاه .  فهل نستهجن بعد هذا أن نسمع أمة تخرج هاتفةً ضدَّ الظلم والطغيان والاستعباد وبالصوت الملآن والحناجـر الحـرّى : " الموت ولا المـذلَّــــــــــــــــة " ؟!  حاشــية :1 - للفائدة أورد هنا شيئا من مادة ( ح ر ر ) تتمة الجذر الثلاثي ، قد تفيد الباحث : الحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها مطرت، والجمع حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قال سيبويه: وزعم يونس أَنهم يقولون حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جمعوه بالواو والنون، يشبهونه بقولهم أَرض وأَرَضُونَ لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: وزعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ وإِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ ولكن لا يتكلم بها؛ أَنشد ثعلب لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد انهزم ولحق بالكوفة، وكان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة، فلما قدم زيد على أَهله قالت له ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال: إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ، لما رأَى عَكّاً والاشْعَرِيين، وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين، وابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين، وذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين، وحابساً يَسْتَنُّ في الطائيين، قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ : هَلْ تَفِرِّين؟ لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين، والخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين، جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ ويروى: قد تُجْشِمُكِ وقد يُجْشِمْنَكِ.  وقال ابن سيده: معنى لا خمس ما ورد في حديث صفين أَن معاوية رضوان الله عليه زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه: لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين أَرادوا: لا خمسمائة؛ والذي ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال: شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات. قال ابن الأَثير: ورواه بعضهم لا خِمس، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: والفتح أَشبه بالحديث، ومعناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة والخيبة، والإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ. قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ وثُبة، وليست حَرَّة ولا إِحَرَّة مما حذف منه شيء من أُصوله، ولا هو بمنزلة أَرض في أَنه مؤَنث بغير هاء؟ فالجواب: إِن الأَصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ، وهي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا الأَوَّل منهما ونقلوا حركته إِلى ما قبله وأَدغموه في الذي بعده، فلما دخل على الكلمة هذا الإِعلال والتوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو والنون فقالوا: إِحَرُّونَ، ولما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، وإِن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأَنها أُخت إِحَرَّة من لفظها ومعناها، وإِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في لامها، وذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ وقال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال: جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين والأَرحمين .والحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. وللعرب حرار كثيرة ومعروفة  2 - والحرية في قاموس المسيحية شيء نسبي، فهي انتقال من خدمة سيد إلى خدمة سيد آخر. وفي أدبياتهم"أنتم عبيد للذي تطيعونه إما للخطيئة للموت أو للبر للحياة الأبدية".و" كنتم عبيدًا للخطيئة "وكل من يفعل الخطيئة هو عبد للخطيئة"، ولكن المسيح قد خلصنا من عبودية الخطيئة، و"إن حرركم المسيح فبالحقيقة تصيرون أحرارًا". فصرنا بذلك عبيدًا لله ! فالحرية المسيحية عبودية لله، ولخدمة الله تعالى .....

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا

إنْ أنسَ لا أنسَ من الشعر قصيدةَ أمير الشعراء شوقي وفيها :
وللحرية الحمراء بـــابٌ = = = بكل يَـدٍ مضـرّجـةٍ يُـدَقُّ

ولا رائعـةً معـاصرةً للشـاعـر أحـمـد مطـــــــــــر حيث يقـولُ فيهـا عن الحريّــة :

أخبرنا أستاذي يوما عن شيء يُدعى الحريـــة..
فسألت الأستاذ بلطف أن يتكلم بالعربيــــــــــة
ما هذا اللفظ وما تعنى وأية شيء حريــة ..؟
هل هي مصطلح يوناني عن بعض الحقب الزمنية ..؟
أم أشياء نستوردها أو مصنوعات وطنيـــة ..؟
فأجاب معلمنا حزنا وانساب الدمع بعفويــــــــة
قد أنسوكم كل التاريخ وكل القيم العُـلْـويــــــــة
أسفي أن تخرج أجيال لا تفهم معنى الحريـــــة
لا تملك سيفا أو قلما لا تحمل فكرا وهويــــــــة ..
وعلمت بموت مدرسنا في الزنزانات الفرديـــة ..
فنذرت لئن أحياني الله وكانت بالعمر بقيــــــــة
لأجوب الأرض بأكملها بحثا عن معنى الحرية.

فما دلالات الحرية في لغة الجذور،وفي عقلية العربي ،وكم شغلت منها وكيف اشتقوا لها اسمها ؟ الحرية من الجذر الثلاثي ( ح ر ر ) وقال الكسائي : حَـرِرْتَ تَحَـرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير..

وقال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛ قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل .

وفي حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه؛ الحرار، بالفتح: مصدر من حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، والاسم الحُرِّيَّــةُ ..وهناك ايضا (حَرَّ يَحِرُّ إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيده: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وقيل: شدته. قال الجوهري: ومنه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد، ويقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة .ورجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان عن اللحياني؛ وامرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى.وفي الحديث الشريف : في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ)؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ وهي تأْنيث حَرَّان وهما للمبالغة وفي رواية " رطبة " ، وفي هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا ظمئت ترطبت، وكذا إِذا أُلقيت على النار، وقيل: كنى بالرطوبة عن الحياة فإِن الميت يابس الكبد ، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه . ابن سيده: حَرَّتْ كبده وصدره وهي تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛ قال: وحَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلاَّ أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ ، واسْتَحَرَّتْ، كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، ومصدره الحَرَرُ.

والعرب تقول في دعائها على الإِنسان : " ما له أَحَرَّ اللهُ صَدْرَه أَي أَعطشه "وقيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. وفي الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ يريد العطش مع البرد؛ وأَورده ابن سيده منكراً فقال : ومن كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في يوم بارد ؛ وقال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد.

وقال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة وحَراوَةٌ، بالراء والواو ( ح ر و ) . وتـأمّـل معي أعـزّكَ الله :
الحَرَّة : حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ ، وهو عند خروج الروح .
وامرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وهي القِدَاحُ :
خَرَجْنَ حَرِيـراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً،= = = ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ

وفي التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ ؛ وحَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ حَرارَة في صدورهن ، وحَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة ، وإِنما دخلتها الهاء لما كانت في معنى حزينة ، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنهـا في معنى رَشِيدَة. قال: والمِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة وكل ما قدمناه ليس بيت القصيد(1) . ونورد في أول اشتقاقات الحرية قوله تعالى : ((إِنـــي نذرتُ لك ما في بطني مُحَــرَّراً فَتَقَبَّلْ منِّي )) ســورة آل عمران \ 35 ؛ قال الزجاج : هذا قول امرأَة عمران ومعناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، وكان ذلك جائزاً لهم، وكان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم ولعُبَّادِهم، ولم يكن ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور(2)، والراجح في (مُحَرَّراً ) والله أعلم ، متحررا من أي خدمة عدى خدمة الرب تعالى , وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بفتح الحاء؛ قال:

فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني ===فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيـقُ
فما رُدَّ تـزوِيجٌ عليه شَـــهـادَةٌ، == =ولا رُدَّ من بَعْـدِ الحَـرارِ عَتِيقُ

والكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر: سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أَن أَحداً جاء به؛ وقال ثعلب: قال أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها في الإِماء.( يطعن في أرومتها ) .

والحُرُّ من الناس كما تراه العرب ، أَخيارهم وأَفاضلهم ، وهذا من تشوفهم للحرية وتمجيدهم لها .

وحُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ وقال ذو الرمة:
فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ = = =على حُـرِّيَّـةِ العَـرَبِ الهُزالى

( أَي على أَشرافهم. قال: والهزالَى مثل السُّكارى، وقيل: أَراد الهزال بغير إِمالة؛ ويقال: هو من حُرِّيَةِ قومه أَي من خالصهم) .والحُـرُّ من كل شيء: أَعْتَقُه ...

وفرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. أي أصيل وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها. وحُــرُّ المال أطيبه وأعلاه وأحســنه .
والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والأزاذ من أفخر أنواع التمـور التي عرفها العرب .

والحُـرُّ: كلُّ شيء فاخِرٍ من شِـعْـرٍ أَو غيره.( وبالطبع لا يدخل هنا الشعر الحديث الحـر بحال ، فهو من أردأ ضروب الشـعـر مقارنة بالشعـر العربي الموزون ) .

وحُرُّ كل أَرض ، وسَطُها وأَطيبها . والحُرَّانِ : نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا ، والعرب تعتبرهما من خيار النجوم فائدة .

والحُرَّانِ : الحُرُّ وأَخوه أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان وإِذا كان هناك أَخوان أَو صاحبان وكان أَحدهما أَشهر من الآخر سُميا جميعاً عند العرب باسم الأَشهر منهما ( كقولنا مثلاً: العمرين عن ابي بكر وعمر والاسودين والثقلين ووو......الخ ) ؛ قال المنخّل اليشكري:

أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني = = = مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بها أُبَيَّــا
فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ، = = = فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّـــا
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ، = = = ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا

قال : وسبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل اليشكري، وكان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في رجله ورجلها، فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال ، فأَخذ المنخّـل ودفعه إِلى عِكَبٍّ اللَّخْمِيّ صاحب سجنه ، فتسلمه فجعل يطعن في قفـاه بالصُّمُلَّةِ، وهي حربة كانت في يده..

والحُــرَّةُ : الكريمة من النساء ؛ وشاهدنا في ذلك ما قاله الأَعشى :
حُـرَّةٌ طَفْـلَـةُ الأَنامِلِ تَرْتَبْـ= = = ــبُ سُـخاماً، تَكُفُّه بِخِـلالِ

قال الأَزهري : وأَما قول امرئ القيس: لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ، ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر ولا يكف عن هواه؛ والمعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله ويَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في فعله ؛ ويقال لأَوّل ليلة من الشهر : ليلةُ حُـرَّةٍ ، وليلـــةٌ حُـرَّةٌ ، ولآخـر ليلـة: شَيْباءُ . وفي حديث إسلام هند أم معـاوية بن ابي سفيان ( رضي الله عن ثلاثتهم ) قالت هند : أوَتزني الحُــرَّة ؟؟؟!!! وهي جملة تستحق أن تكتب بماء الذهب !.

وباتت فلانة بليلةِ حُـرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة زفافها ولم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها ؛ قال النابغة يصف نساء :

شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ، = = = يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ

ونقل الأَزهري عن الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر فيهـا عـلى اقْتضاضها ليلةُ حُـرَّةٍ؛ يقال : باتت فلانةُ بليلة حُـرَّةٍ؛ وقال غير الليث : فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي بِلَيْلَةٍ شَـيْبَـاءَ. قلت : ليلة حُرة بالضم ، لعلها تمنح صاحبتها حريـة الاستمرار مع هذا الزوج ، أو مفارقته إن شاءت ، والله أعلم .

وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري: الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ وسحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛ قال عنترة: جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ، فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة . وحُرُّ البَقْلِ والفاكهة والطين : جَيِّدُها

وفي الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، من الحُسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أَحَـرَّ حُسْناً منه ؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ. .

وهكذا نظر العربي الى الحرية قيمـةً من القيم التي تهفو اليها النفوس وتشرئب لها العيون ، وتضحي لأجلها بالغالي والنفيس ، وليس غريبا ولا عجيبا ، أن يكون جواب عربيّ لكسـرى ، حين سأله : لماذا لم تقم للعرب مملكة ( طبعا قبل الاسلام )؟ فقال العربي :

كيف تقوم لنا مملكة ، وكل واحدٍ فينا يعتبر نفسه ملكـا ً !!!

وجاء الاسلام وأطــر الحرية في إطار عقائدي أخلاقي حضاريّ راقٍ ، فجعل تحرير الرقاب من أجل الاعمال ، فتسابق المسلمون في الاعتاق استجابة لذلك . قال تعالى : (( وما أدراك ما العقبة ؟ فكُّ رقبة )) سورة البلد \ 12 – 13 ، وفك الرقبة هو تحريرهـا من الرق والعبودية ،

لقد كان الرق من الأمور المنتشرة قبل الإسلام ، ولما جاء الإسلام لم يكن طرفا أوحد فيها، ولكنه جفف منابعها، ودعا إلى تركها ، وجعل عتق الرقاب من أفضل الأعمال المقربة إلى الله تعالى ، وأبدى الإسلام رغبته في تحريمه من جميع الأطراف ، فقال عن أسرى الحرب وهم بحكم الرقيق في شريعة العصر : L( فَإِمَّا مَنًّا بعدُ وإمَّا فِداءً حتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزَارَها )) سورة محمد \ 4 ، ولكنه ما كان يعقل أن لا يكون هناك أسرى حرب في الإسلام ، في حين تسبى نساؤهم ويُـرق رجالهم ،،، .أما تحريم الخمر أو الربا ، فكان في معاملة المسلمين أنفسهم ، وهم قد يكونون طرفا واحدا فيهما ، فحرمهما عليهما . .والمنصف يرى حال البشرية وموقفها من الرق بجانب موقف الإسلام في العصر القديم، ليرى أن الديانات الأخرى كانت تدعو إلى الرق والاستعباد ، في الوقت الذي كان يدعو الإسلام إلى تحرير العبيد والمساواة الإنسانية بين بني البشر جميعهم فلا تفاضل الا بالعمل الصالح والاخلاق والتقوى ... وبعد هذه الأدلة العظيمة التي تدل على عظمة الإسلام, وبيان الموقف العادل والمعاملة الرحيمة للعبيد وتجفيف منابع الرق وفتح أبواب تحريرهم ، يأتي أعداء الإسلام من المستشرقين والماديين الملحدين فيصفون الإسلام بأنه يقر الرق، ويبارك ملاك الرقيق، ويروجون لباطلهم القائم على تصيد الشبهات الواهية, وتلفيق الأكاذيب والافتراء على الله تعالى وعلى شريعته وأحكام دينه الحنيف ،.

ومقولة سيدنا عمر لابن عمرو بن العاص ،" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " لا تزال تدوّي في الأسماع ، وهي أبلغ من مواد كثيرة تتبجح بها منظمات حقوقية إذ تعلن أن الناس يولدون أحرارا ، منذ اللحظة الاولى ، ذلك أنها مقولات صورية شكلية (بروتوكولية ) ، أما مقولة الفاروق عمر فقالها في ساحة التطبيق ، قالها والدّرّة بيده ( سوطه أو عصـاه ) ، يناولها للقبطي المصري المظلوم قائلا : اضرب ابن الأكرمين ،،، ويضربه فعلا حتى يشتفي وينال حقه أمام أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضـاه .

فهل نستهجن بعد هذا أن نسمع أمة تخرج هاتفةً ضدَّ الظلم والطغيان والاستعباد وبالصوت الملآن والحناجـر الحـرّى : " الموت ولا المـذلَّــــــــــــــــة " ؟!

حاشــية :1 - للفائدة أورد هنا شيئا من مادة ( ح ر ر ) تتمة الجذر الثلاثي ، قد تفيد الباحث :

الحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها مطرت، والجمع حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قال سيبويه: وزعم يونس أَنهم يقولون حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جمعوه بالواو والنون، يشبهونه بقولهم أَرض وأَرَضُونَ لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: وزعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ وإِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ ولكن لا يتكلم بها؛ أَنشد ثعلب لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد انهزم ولحق بالكوفة، وكان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة، فلما قدم زيد على أَهله قالت له ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال: إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ، لما رأَى عَكّاً والاشْعَرِيين، وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين، وابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين، وذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين، وحابساً يَسْتَنُّ في الطائيين، قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ : هَلْ تَفِرِّين؟ لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين، والخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين، جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ ويروى: قد تُجْشِمُكِ وقد يُجْشِمْنَكِ.

وقال ابن سيده: معنى لا خمس ما ورد في حديث صفين أَن معاوية رضوان الله عليه زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه: لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين أَرادوا: لا خمسمائة؛ والذي ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال: شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات. قال ابن الأَثير: ورواه بعضهم لا خِمس، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: والفتح أَشبه بالحديث، ومعناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة والخيبة، والإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ. قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ وثُبة، وليست حَرَّة ولا إِحَرَّة مما حذف منه شيء من أُصوله، ولا هو بمنزلة أَرض في أَنه مؤَنث بغير هاء؟ فالجواب: إِن الأَصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ، وهي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا الأَوَّل منهما ونقلوا حركته إِلى ما قبله وأَدغموه في الذي بعده، فلما دخل على الكلمة هذا الإِعلال والتوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو والنون فقالوا: إِحَرُّونَ، ولما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، وإِن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأَنها أُخت إِحَرَّة من لفظها ومعناها، وإِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في لامها، وذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ وقال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال: جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين والأَرحمين .والحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. وللعرب حرار كثيرة ومعروفة

2 - والحرية في قاموس المسيحية شيء نسبي، فهي انتقال من خدمة سيد إلى خدمة سيد آخر. وفي أدبياتهم"أنتم عبيد للذي تطيعونه إما للخطيئة للموت أو للبر للحياة الأبدية".و" كنتم عبيدًا للخطيئة "وكل من يفعل الخطيئة هو عبد للخطيئة"، ولكن المسيح قد خلصنا من عبودية الخطيئة، و"إن حرركم المسيح فبالحقيقة تصيرون أحرارًا". فصرنا بذلك عبيدًا لله ! فالحرية المسيحية عبودية لله، ولخدمة الله تعالى .....
تعليقات