وكالة البيارق الإعلامية
منذ 2015، بدأت نساء مصريات محجبات اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي للشكوى من تعرضهن للتمييز.
ميار عمر، مديرة أبحاث تعيش في القاهرة وتبلغ من العمر 25 عاماً، وتقول إنها واجهت مشاكل متكررة عند ذهابها إلى بعض المطاعم الراقية، حيث "يريد الإنسان أن يشعر بأنه على طبيعته عندما يدخل مكاناً ولا أحد يفرض عليه شيئاً، أو يجعلك تشعرين بأنك سبب المشكلة للمكان أو لصديقاتك.. وكل هذا يمكن أن يؤثر على الإنسان دون أن يشعر".
في مجموعات التواصل الاجتماعي المتعلقة بنمط حياة المحجبات، وجدنا ما يبدو أنه اتجاه متزايد، حيث تتهم النساء أماكن كثيرة برفض دخولهن إليها بسبب ارتدائهن للحجاب.
حاولت بي بي سي نيوز عربي الحجز في 15 مطعماً راقياً في مختلف أنحاء القاهرة، وهي التي تعرضت عبر الإنترنت إلى أكثر الاتهامات بممارسة التمييز ضد المحجبات.
معظم الأماكن طلبت الاطلاع على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لكافة الضيوف، وذكر 11 من الأماكن التي ردت علينا، بأن أغطية الرأس غير مسموح بها.
أرسلنا رجلاً وزوجته المحجبة متنكرين، إلى بعض هذه الأماكن التي أخبرتنا بأنها لا تسمح بدخول النساء المحجبات.
في لوبرجين وهو مطعم وبار في حي الزمالك الراقي، أبلغ الموظف على الباب فريقنا على الفور أن الحجاب ممنوع نظراً لوجود بار في المكان. وعندما تحدثنا مع المدير، كان هو الآخر مصراً على أن "الحجاب ممنوع".
أبلغنا لوبرجين أن أدلتنا "غير دقيقة" وأن رفض دخول المحجبات ليس من قواعد المكان و"نحن ندينه". أخبرنا المكان أيضاً:" لقد أكدنا سياستنا الداخلية على موظفينا لتجنب أي التباس في المستقبل".
في كازان، وهو مطعم وبار في نفس المنطقة، أُخبر فريقنا مرةً أخرى من قبل موظفي الاستقبال بأن "المشكلة هي في الحجاب". وعندما سألنا عن السبب، أجابوا ببساطة: "هذه قواعد المكان".
في المكان الأخير، أنديامو بيتزا غاردن أند بار في مصر الجديدة، رُفض طلب فريقنا للدخول في البداية، ولكن بعد الاعتراض، أُخبرنا أن بإمكاننا الدخول ولكن علينا أن نجلس في زاوية. وبرر المدير ذلك بقوله: " هذه تعليمات وزارة السياحة، وإذا وجدوا امرأة محجبة بجوار البار فسيفرضون علينا غرامة".
لم يرد كازان أو أنديامو على طلباتنا بالتعليق.
عرضنا أدلتنا على عادل المصري، رئيس غرفة المنشآت والمطاعم السياحية، الذي أبلغ بي بي سي: "لم يصدر في أي عهد من عهود السياحة قرار بمنع دخول المحجبات (إلى أماكن الترفيه). هذا غير مقبول. التمييز غير مقبول، هذه أماكن عامة".
الغالبية العظمى من النساء في مصر محجبات، فلماذا إذن تتبع الأماكن سياسات كهذه؟
"في معظم الحالات، السبب الرئيسي هو الطبقية"، تشرح ندى نشأت، وهي محامية وناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة. وتضيف: "للأسف أصبح الحجاب بالنسبة للناس زياً شعبياً. لكننا نجد أيضاً تمييزاً ضد غير المحجبات من الطبقات المتوسطة والشعبية".
حصلت بي بي سي نيوز عربي أيضاً على أدلة توحي بفرض لافيستا، وهي شركة كبيرة للتطوير العقاري، قيوداً على النساء المحجبات الراغبات بشراء شقق في القرى السياحية. الشركة لديها مشاريع في القاهرة بالإضافة إلى العديد من المشاريع الراقية في المناطق الساحلية.
وسبق لها أن قامت ببيع عقارات إلى نساء محجبات، لكننا وجدنا الكثير من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تتهم لافيستا بتغيير سياستها الآن ووضعها قيوداً عليهن.
أخبرنا مدير في شركة متعددة الجنسيات كيف أنه اتصل بعدة شركات سمسرة عقارية لشراء عقار في لافيستا، لكنهم أبلغوه عند اتصاله بها "نحن آسفون، لافيستا متشددة بعض الشئ في ما يتعلق بالحجاب".
اتصلنا بثمانٍ من شركات السمسرة العقارية الرئيسية، وتنكر عضو في فريقنا كزوج لامرأة محجبة ويرغب بشراء وحدة في مشروع لافيستا الساحلي.
أبلغتنا ست من شركات السمسرة بعدم إمكانية الشراء في لافيستا ونصحتنا أن نبحث في مكان آخر. أبلغت إحداها مراسلنا المتنكر: "هي يمكن أن أكون صريحاً معك؟ بالتأكيد إبحث عن بديل". وذهب سمسار آخر إلى القول:"لأكن صريحاً معك، إنهم عنصريون فيما يتعلق بالساحل الشمالي والعين السخنة".
شرح أحد سماسرة العقارات طريقة عملهم: " لن يقولوا لك "لن نبيع لك" بل سيقولون "هذا المشروع الذي اخترته مغلق الآن وسنتصل بك عندما يفتح. لكنهم لن يتصلوا بك".
وعندما اتصل مراسلنا المتنكر هاتفياً بلا فيستا وذكر أن زوجته محجبة، أُخبر بأنه سيتم وضع اسمه في قائمة الانتظار وأنه لا توجد عقارات متوفرة.
بعد عدة أسابيع، زار مكتب لافيستا، ولكنه لم يذكر هذه المرة أن زوجته ترتدي الحجاب. تم إبلاغه بتوفر وحدات عقارية للتسليم الفوري، وعندما سألهم عن نوعية الناس الذين يسكنون في لافيستا، أخبرته وكيلة الشركة " الفكرة هي أن كل الناس هنا متشابهون". وذكرت أن إحدى مجمعات لافيستا "لا توجد فيها أية محجبات".
لم ترد لا فيستا على طلبات بي بي سي للتعقيب حتى وقت النشر.
قالت أميرة صابر عضو البرلمان المصري وهي نشطة في الدفاع عن حقوق المرأة "إذا واصلنا المسير على هذا الطريق للتمييز بين بعضنا البعض فسنعيش في فقاعات مغلقة في مجتمع لا يفهم فيه أحد الآخر". وأضافت بأن الدستور المصري واضح، وهو أن هذا النوع من التمييز غير مسموح به، "سأستخدم بالتأكيد إحدى أدواتي البرلمانية لأسأل المسؤولين في الحكومة كيف يمكن أن نضمن عدم تكرار حدوث ذلك. وإذا حدث فيجب معاقبة المذنب".
- أحمد الشامي
- بي بي سي نيوز عربي
أكتب تعليقك هتا