نجاحات في كل من المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا ومصر والامارات والعراق واليمن...
تسهيلات في السعودية والبحرين... وشروط مجحفة في الكويت...
إنتكاسات في لبنان...وجمود في سوريا والأردن وعُمان وقطر
تضامن : تزايد معاناة النساء العربيات وأولادهن مع إرتفاع وتيرة الزواج من أجانب
وكالة أخبار المرأة
يعتبر منح النساء العربيات جنسياتهن لأولادهن من أهم الملفات التي حملتها الحركة النسائية العربية على مدار عشرات السنين بإعتبارها تمس شريحة واسعة من النساء والأبناء ، ونظمت العديد من الحملات ولا تزال تطالب بالمساواة بين الجنسين خاصة في موضوع الجنسية ، وفي الوقت الذي نجحت فيه الجهود في عدد كبير من الدول العربية لا زالت دول أخرى تعاني من عدم إستجابة لمطالب محقة من الناحية القانونية ومن منظور حقوق الإنسان ، وتعرضت الحركة النسائية في لبنان قبل فترة وجيزة لإنتكاسات رغم الوعود.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن الجنسية عبارة عن رابطة قانونية وسياسية بين الأشخاص ودولة معينة ، تحدد حقوقهم والتزاماتهم في الدولة التي يحملون جنسيتها ، وقد كفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في الجنسية بالمادة (15) منه بإعتباره حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان ، ولا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته بشكل تعسفي ولا من حقه في تغييرها.
لقد حققت الحركة النسائية نجاحاً مبكراً في بعض الدول العربية من أجل ضمان المساواة بين الجنسين ومنح النساء جنسياتهن لأولادهن عندما يتزوجن من أجانب ، وضمان تمتعهم بالحقوق المدنية ، السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية والثقافية . فقانون الجنسية التونسي المعدل عام (1993) ينص على أنه "يصبح تونسياً من ولد خارج تونس من أم تونسية وأب أجنبي على أن يطالب بهذه الصفة بمقتضى تصريح خلال العام السابق على سن الرشد".
وفي مصر تم تعديل بعض أحكام قانون الجنسية المصري رقم (26) لعام (1975) بالقانون رقم (154) لعام (2004) حيث أقر حق أبناء وبنات النساء المصريات المتزوجات بغير المصريين في الحصول على الجنسية المصرية بصرف النظر عن جنسية الزوج ، غير أن قراراً لوزير الداخلية المصري قضى برفض منح الجنسية لأبناء المصرية المتزوجة من فلسطيني بعد صدور التعديل وبُرر ذلك القرار بأسباب سياسية أهمها الحفاظ على الهوية الفلسطينية من الانسحاق داخل المجتمعات العربية إستناداً لما أقرته جامعة الدول العربية. إلا أنه وبعد الثورة المصرية التي إنطلقت قبل عامين تقريباً ولأول مرة في تاريخ مصر يحصل (50) ألف فلسطيني على الجنسية المصرية خلال شهور.
أما في الجزائر ، فقد تمكنت النساء وفق تعديل قانون الجنسية عام (2005) من منح جنسيتها لأولادها حيث أعطى القانون النساء الجزائريات الحق المطلق بمنح جنسيتهن إلى الزوج الأجنبي وللأبناء والبنات وبأثر رجعي.
وفي المغرب تم تعديل قانون الجنسية عام (2007) ، فالفصل (6) من قانون الجنسية المعدل أعطى النساء المغربيات المتزوجات من أجانب الحق في منح جنسيتهن لأبنائهن، حيث نص في إحدى مواده على أن الطفل يكون مغربياً بالنسب لأبيه ومغربياً بالبنوة لأمه ، أي أن الجنسية أصبحت أصلية وليست مكتسبة.
وتشير "تضامن" الى قانون الجنسية الليبي رقم (24) لعام (2010) والذي نشر بمدونة التشريعات بالعدد رقم (11) السنة العاشرة في 13/7/2010 ، حيث نصت المادة (11) من القانون على أنه يجوز منح أولاد المواطنات الليبيات المتزوجات من غير الليبيين الجنسية الليبية ، وتحدد اللائحة التنفيذية الضوابط اللازمة لتنفيذ هذه المادة.
أما في موريتانيا ، فقد نصت المادة (8) من قانون الجنسية الموريتاني لعام (1961) والمعدل بالقانون الصادر في عام (1973) على أنه : "يعد موريتانياً (1) الطفل المولود الأب موريتاني ، (2) الطفل المولود لأم موريتانية ولأب بلا جنسية أو مجهول الجنسية ، (3) الطفل المولود في موريتانيا لأم موريتانية ولأب من جنسية أجنبية وله أن يتحلى هذه الصفة في السنة التي تسبق بلوغه سن الرشد".
ويتضح من نص المادة (8) في فقرتها (3) أن المولود من أم موريتانية وأب أجنبي , تسند إليه الجنسية الموريتانية كجنسية أصلية ذلك بشرط أن تكون الولادة في موريتانيا ، وإذا كانت ولادته خارج موريتانيا فإنه لا يكون موريتانياً , بل يمكن له في السنة السابقة لبلوغه سن الرشد أن يطلب اكتساب الجنسية الموريتانية.
وتشير "تضامن" الى التعديلات التي أجريت في اليمن على قانون الجنسية بالقانون رقم (17) لعام (2009) بشأن الجنسية اليمنية ، حيث عدل نص المادة (3) فقرة (أ) من القانون رقم (6) لعام (1990) ، وجسد مبدأ مساواة المرأة بالرجل ، مثلما عبر عنه الدستور. إلا أن هذا التعديل وبإستحداثه الفقرة (و) قد أعاد موضوع جنسية أبناء النساء اليمنيات المتزوجات من أجانب إلى نقطة الصفر، ولم يخرج بالنتيجة التي توختها الأم اليمنية المتزوجة بأجنبي ، بل أن إضافة الفقرة (و) قد جعل المولود لأم يمنية في وضع قانوني أقل حماية مما كان عليه في المادة (10) مكرر الصادرة بالقانون رقم (24) لعام (2003). فلم تتم معالجة مشكلة أولاد الأم اليمنية المتزوجة بأجنبي، المولودين في داخل اليمن وخارجها قبل صدور التعديل الجديد ، وهم ما زالوا يعانوا نفس الوضع السابق للتعديل أي إعتبارهم أجانب غير يمنيين، رغم ارتباطهم الفعلي بالدولة والأرض اليمنية.
وقد إقتصرت الجهود في البحرين على إصدار قانون رقم (35) لعام (2009) الذي تضمّن أحكاماً تتعلق بمعاملة أبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني معاملة المواطن ، من حيث إعفاء أبنائها من رسوم الخدمات الحكومية والصحية والتعليمية ورسوم الإقامة الدائمة في المملكة ، بالإضافة لبعض التسهيلات مثل الحصول على تأشيرة الإقامة وتحسين الأوضاع المعيشية لأبناء البحرينية ، علماً بأنه تم منح الجنسية لعد (334) من أبناء البحرينيات المتزوجات من أجانب بشكل إستثنائي ، سبقتها أيضاً خطوة مماثلة. لكن الحركة النسائية في البحرين تطمح الى إجراء تعديلات على قانون الجنسية وإعتبار ذلك حق من حقوق النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب وأبنائهم وليس على شكل مكارم.
أما في العراق فقد أعلنت المحكمة الإتحادية العراقية عن إمكانية منح الجنسية العراقية لمن كان أحد والديه عراقياً. وقال رئيس المحكمة الإتحادية مدحت المحمود أن القرارات جاءت طبقاً للدستور والقانون العراقي دون النظر لقوانين وأحكام الجهات المختصة ، هذا وينص القانون العراقي في فرع الحقوق المدنية والسياسية على أن الجنسية العراقية حق لكل من ولد لأب عراقي أو أم عراقية.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ، فقد أصدر رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أمراً للوزارات والدوائر الحكومية بأن يتم معاملة أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب أسوة بالمواطنين ، وقضى الأمر بمنح أبناء المواطنات الإماراتيات المتزوجات من أجانب الحق في التقدم للحصول على جنسية الدولة حال بلوغهم سن الثامنة عشرة.
وتضيف "تضامن" الى أن قانون الجنسية الكويتي نص على إعطاء أبناء الكويتية الجنسية عند تطليقها طلاقا بائناً أو عند وفاة الزوج مما دفع الكثير من الأسر للطلاق من أجل الحصول على الجنسية. وتتفاقم مشكلة أبناء الكويتيات يوما بعد يوم لأن تعداد الزوجات الكويتيات المتزوجات من غير كويتي تعدى قرابة (12) ألف زوجة ولديهن أولاد متوسط أعدادهم ما بين أربعة الى خمسة أطفال أي ان عدد أصحاب تلك المشكلة قرابة (50) ألف شخص. وأشارت الناشطة سميرة القناعي أن قانون منح الجنسية لأبناء الكويتية وضع الأم الكويتية بين نارين إما الطلاق وتشتت عائلتها أو بقاء الزواج وعدم تجنيس الأبناء. وفي بداية الشهر الحالي وافقت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة على المقترح الخاص بتجنيس أبناء الكويتيات البالغين سن الرشد بعد تخييرهم بين الجنسية الكويتية وجنسية آبائهم.
أما في قطر فقد أشارت الأستاذة آمال المناعي عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الدورة الـ (19) لمجلس حقوق الانسان إلى أن اللجنة وضعت عدداً من التوصيات ، وأن أهم توصيات اللجنة تمثلت في العمل على معالجة موضوع أبناء المرأة القطرية المتزوجة من أجنبي، وذلك بالإعتماد على ما ورد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان من التماسات ، وهو المطالبة بمساواة أبناء القطريات بأبناء القطريين في جميع الحقوق فيما يتعلق بالحق في العمل والصحة والتعليم والإقامة.
ويشير القانون العُماني والتعليمات الصادرة بخصوص زواج العُمانية من أحد رعايا دول مجلس التعاون الخليجي الى أن الأبناء يتبعون جنسية والدهم ، وفي حال الزواج من رعايا الدول الأخرى فإنه لا يحق للعُمانية نقل جنسيتها الى أبنائها.
وفي السعودية صدر قرار لمجلس الوزراء خاص بتنظيم زواج السعوديات بغير سعودي ، وينص على منح أولاد المواطنة السعودية المقيمين في المملكة الإقامة على كفالة والدتهم، كما لها الحق في إستقدامهم إذا كانوا خارج المملكة للإقامة معها بشرط عدم وجود ملاحظات أمنية عليهم ، وتتحمل الدولة رسوم إقامة أبنائها. ويشترط في هذه القرارات أن يكون الزواج تم بموافقة الجهة المختصة، وأن يكون عقد الزواج موثقاً، وأن يكون لدى أولاد المواطنة السعودية من غير السعودي وثائق تثبت هوياتهم.
وتجدر الإشارة الى أن الإحصاءات المقدمة من وزارة العدل تشير الى أن عدد النساء السعوديات المتزوجات من أجانب لم يتجاوز (5701) إمرأة ، فيما تشير إحصاءات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الى رقم أكبر من ذلك بكثير يصل لنحو (750) ألف حالة زواج.
وتؤكد "تضامن" على أن الوضع في سوريا أكثر إيلاماً ، فقد قام العديد من الإعلاميين والحقوقيين وأعضاء مجلس الشعب السوري بحملة جديدة تحت اسم "من أجل منح أبناء الأمهات السورية الجنسية العربية السورية" ، بعد أن قوبلت محاولتهم في عام (2009) بالرفض من الجهات الرسمية والأمنية بحجة وجود مشكلة تتعلق بمنح الجنسية السورية للأكراد المقيمين في سورية وتبين بأن هذا الموضوع قوبل بالرفض من الجهات نفسها عندما تم طرحه منذ خمسة عشر عاماً في مجلس الشعب من بعض أعضائه.
ولا تزال الدراسة التي أعدتها اللجنة المكلفة من رئاسة مجلس الوزراء بتوجيه من رئيس الجمهورية حبيسة مكاتب أحدى الجهات الرسمية التي فقدت بموجب الدستور الجديد حقها في التدخل أو إيقاف أي مشروع قرار أو دراسة صادرة عن أحدى السلطات التشريعية أو التنفيذية في سورية خصوصاً بعد إلغاء المادة الثامنة من الدستور.
هذا وقد تقدمت رابطة النساء السوريات بمذكرة إلى أعضاء مجلس الشعب لتعديل الفقرة (أ) من المادة الثالثة من قانون الجنسية السوري وذلك في إطار حملتها لتعديل القانون نحو منح الأم السورية المتزوجة بغير السوري الحق في إعطاء جنسيتها لأولادها، والآن وبعد عامين من تقديم المذكرة ورفع مشروع تعديل للقانون من خمسة وثلاثين عضواً في المجلس لم تتحقق النتيجة المرجوة ، والحجة أن هناك عائقين أمام تعديل هذا القانون الأول هو ما يخص النساء المتزوجات بسوريين مجردين من الجنسية (أكراد) ، والثاني ما يخص السوريات المتزوجات بفلسطينيين وإنعكاسات هذا الأمر على حق العودة للفلسطينيين.
وتنوه "تضامن" الى أن جهود الحركة النسائية في لبنان قد منيت بإنتكاسة قوية بداية هذا العام عندما أوصت اللجنة الوزارية التي كلفتها الحكومة بدراسة القضية عقب طرح مشروع مرسوم بحق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها لأولادها بأنه "لا حق للمرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لا لأولادها ولا لزوجها".
وأرجعت اللجنة في توصيتها الصادرة في 16 من يناير/ كانون الثاني لعام (2013) إلى أنه "من شأن ذلك الإضرار بالتوازن الطائفي الديموغرافي في البلاد، وبالمصلحة العليا للوطن"، وهو ما أثار غضب وحفيظة منظمات المجتمع المدني اللبناني.
وفي الأردن تعمل مؤسسات المجتمع المدني والمدافعين / المدافعات عن حقوق الإنسان والإعلاميين منذ سنوات ومن بينها جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" من أجل حصول النساء الأردنيات المتزوجات من أجانب على حق منح جنسيتهن لأولادهن ، وأطلقت الناشطة نعمة الحباشنة منذ سنوات حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" والتي لاقت مساندة كبيرة لضمان تمتع أولاد الأردنية المتزوجة من أجنبي بالحقوق الكاملة وتنهي معاناة مستمرة منذ سنوات في مجالات التعليم والصحة والعمل والإقامة وغيرها من الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والمدنية والسياسية.
وتؤكد "تضامن" على المطالبة الواسعة لمنح الجنسية الأردنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من أجنبي، لضمان حق أبنائهن في التمتع بجنسيتهن ، تطبيقاً للتشريعات الأردنية ومبدأ المساواة بين الجنسين ، وأن لا ضرورة لإجراء تعديلات دستورية في هذا المجال وإنما تعديل قانوني يكفي في هذا الإتجاه ، حيث نص الدستور في الفصل الثاني المتعلق بحقوق الاردنيين وواجباتهم في المادة (5) على أن "الجنسية الاردنية تحدد بقانون".
وبسبب عدم تجاوب الجهات المسؤولة مع مطالب حركة المجتمع المدني فقد كُثفت الجهود مؤخراً من خلال إطلاق إئتلاف "جنسيتي حق لعائلتي" لإعادة الزخم الإعلامي والتوعوي لمشكلة تعاني منها آلاف النساء الأردنيات وأولادهن ، وأنه آن الآوان لأن تتمتع النساء وأولادهن بذات الحقوق التي يتمتع بها الرجال من مبدأ أن لا تمييز بين الأردنيين ومبدأ المساواة بين الجنسين.
إن الزيادة المضطردة لزواج النساء العربيات من أجانب ، دون وجود قوانين تحمي أبنائهن وتمنحهم جنسية أمهاتهم ، تزيد من المعاناة وتفاقم من مشكلة لا زالت قائمة في العديد من الدول العربية ، وقد تكون الحلول المتدرجة خطوة في الإتجاه الصحيح ولا تنتقص من حقهم في الجنسية كمنحهم حقوق مدنية ومعاملتهم كمواطنين في التعليم والصحة والعمل وغيرها ، للوصول الى منحهم الجنسية الكاملة.
أكتب تعليقك هتا