الباحث الإسلامي/ مهدي سعيد كريزم - السعودية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد
هناك احاديث نبوية كثيرة منتشرة ومشهورة عند الناس ولكنها غير صحيحة ، اما ضعيفة السند والمتن ولا تصح ؛ واما موضوعة مكذوبة. وان سبب انتشارها هو جهل من ينشرها بعلم الحديث ، او تعمد بعض المواقع العلمانية نشرها ؛ او بسبب بعض الخطباء والوعاظ الذين ليس لديهم العلم الشرعي الكافي وخاصة علم الحديث ، مع انه من السهل عليهم ان يراجعوا صحة تلك الاحاديث من خلال المواقع المتخصصة ، او بسؤال العلماء .
وانه من المؤسف أيضا ان بعض العلماء المشهورين المعروفين يذكرون احاديث غير صحيحة في كلامهم ودروسهم وفتاويهم ؛ وذلك بسبب عدم المامهم بعلم الحديث ، وهذا لا يجوز لهم ؛ بل عليهم اثم في ذكرهم احاديث غير صحيحة على انها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم , وانه لا يليق ولا يجوز لأي عالم او خطيب جمعة او واعظ او مدرس او غيره ان يذكروا احاديث غير صحيحة عن النبي لم تثبت ؛ بل بعضها كذوب مدسوس.
واما ما يردده البعض بجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال وليس في الأصول ؛ فنقول هذا كلام مردود فلا يجوز العمل بالحديث الضعيف المحكوم بضعفه فضلا عن شديد الضعف او الموضوع ، لأنها في علم الحديث ليست احاديث ولم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم ، وان في الاحاديث الصحيحة الثابتة كفاية وتمام.
وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ).
وان انتشار مثل تلك الاحاديث هو كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويسبب الاختلاف والاختلاط في التشريعات والاحكام والفتاوي.
بعض الاحاديث غير الصحيحة
- حديث ( من افطر يوما من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله ؛ وان صامه ) فهذا حديث لا يصح بهذا اللفظ والمعنى ، ولا يعني عدم وقوع الاثم على من افطر متعمدا ! كلا ؛ فان إفطار يوم من رمضان بغير عذر من الكبائر ودلت عليه عموم النصوص الصحيحة الأخرى.
- حديث ( اللهم بلغنا رمضان ، او بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ) فهذا دعاء ( عادي ) ولكنه ليس حديثا نبويا.
- صوموا تصحوا ، هذا ليس بحديث ؛ وان كان معناه صحيحا في علم الطب.
- حديث ( رمضان اوله رحمة وأوسطه مغفرة واخره عتق من النار ) هذا حديث ضعيف لا يعتد به ؛ بل ان رمضان كله رحمة ومغفرة وعتق من النار .
- حديث ( قد اظلكم شهر عظيم من تقرب بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة في غيره ) هذا ضعيف لا يصح ، ورمضان أصلا مليء بالخير والأجور العظيمة.
- حديث ( ان الجنة تتزين في رمضان ؛ ولو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت امتي ان تكون السنة كلها رمضان ) هذا حديث موضوع مكذوب .
- حديث ( للصائم عند فطره دعوة لا ترد ) هذا ضعيف. " والصحيح هو ( ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد ، والصائم ، والمسافر.
- نوم الصائم عبادة / لا يصح.
- حديث : (يوم صومكم يوم نحركم ) ، هذا لا اصل له.
- حديث : (لا تقولوا رمضان فان رمضان اسم من أسماء الله ، ولكن قولوا شهر رمضان ) . هذا حديث موضوع مكذوب.
- حديث ( كان النبي اذا افطر قال ؛ اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت .. ) هذا حديث ضعيف ، وهو دعاء (عادي) وشكر لله ويجوز قوله ولكنه ليس حديثا نبويا ، ولكن الحديث الصحيح في دعاء الإفطار هو : ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر ان شاء الله .
- الصيام نصف الصبر . لا يصح.
- لاتزال امتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر . هذا ضعيف لا يصح ؛ وانما الصحيح : لاتزال امتي بخير ما عجلوا الفطر .
- في كل يوم يعتق الله 600 الف من النار ، وانما الصحيح ان لله كل ليلة عتقاء لا يعلم عددهم الا الله .
- احب عبادي الي اعجلهم فطرا ، هذا لا يصح بهذا اللفظ ؛ وانما جاء الترغيب العام بتعجيل الفطر .
- شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع الا بزكاة الفطر ، لا يصح.
- حديث : رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر امتي ، هذا موضوع مكذوب.
أيها الاخوة والاخوات:
فتلك نماذج فقط . وقد ذكرنا المشهور منها ، والا فهناك احاديث كثيرة جدا في رمضان والصيام لا تصح بل بعضها موضوعة مكذوبة ، قد دسها أعداء الإسلام عمدا وقصدا ظنا منهم انهم سوف يستطيعون اختراق الدين وتشويهه ، او ساقها بعض الرواة دون تثبت وتوثيق ، فهذا شخص اسمه نوح بن ابي مريم من القرن الثالث قد وضع احاديث كثيرة في فضائل القران وضعها من عند نفسه لتحفيز الناس على الاهتمام بالقران ؛ وظن بذلك انه فعل خيرا ؛ ولكنه نسى او تناسى انه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهناك بعض الفرق والمذاهب وضعت احاديث من عندها، كل يضع ما يؤيد مذهبه ! كذبا وزورا .
ولكن علماء الحديث والاسناد وعلماء الرجال كانوا بالمرصاد لكل أولئك ، ونشأت علوم دقيقة نقت وصفت كل تلك الشوائب ، فنشأ علم الحديث ومصطلح الحديث وعلم الرجال ؛ بحيث يتم التأكد من أي حديث من متنه وسنده وسلسلته والحكم على متن الحديث - الفاظه - وعلى من رواه واحدا واحدا من حيث الدقة والعدالة والتوثيق والأمانة ووو …
وان في الأحاديث الصحيحة الثابتة كفاية وشمول لأي موضوع ، ولا نحتاج لأي حديث اخر غير ثابت ، اما تلك الاحاديث التي وضعها الناس فهي كذب على الله ورسوله وعليهم من الله ما يستحقون من الغضب .
وأقول : ينبغي للمسلم العادي غير المتخصص ان يأخذ الاحاديث من الكتب الموثوقة المعروفة( وهي متوفرة) مثل صحيح البخاري ومسلم ، وكتب السنن المحققة المراجعة من العلماء: مثل الترمذي وابي داوود والنسائي وابن حبان ..، ورياض الصالحين ، وسلسلة الصحيحة للألباني والأربعين النووية او الاخذ من كتب ودروس العلماء المعاصرين المعروفين في علم الحديث مثل الشيخ الالباني واحمد شاكر وشعيب الارناؤوط وعبدالكريم الخضير والطريفي والحويني والوادعي والعدوي وزيد البحري ، والحلبي ومحمد الزغبي والشيخ مشهور ؛ ووليد السعيدان وغيرهم .
ويكفي المسلم العادي في منزله رياض الصالحين وبلوغ المرام وصحيح الترغيب ؛ بل الان لا تحتاج للكتب فكل شيء موجود في النت - وطبعا - من المواقع المعروقة الموثوقة .
وهناك موقع المكتبة الحديثة ومواقع السؤال عن صحة أي حديث وهي مواقع موثوقة .
وهناك أيضا طريقة للسؤال عن صحة الحديث سماعا من علماء الحديث فاكتب : صحة حديث كذا واكتب الحديث ، واذا اردت فاكتب أيضا اسم الشيخ ، وانا ارشح الشيخ وليد السعيدان والشيخ زيد البحري لان ردودهما واضحة وسريعة ، والشيوخ الاخرون فيهم الخير والبركة أيضا .
واعتذر من الاطالة ، ولكن الموضوع مهم وينبغي للمسلم التثبت في اخذ دينه ، فكما نحرص على الذهاب لأحسن طبيب ، واخذ افضل الادوية ، واختيار اجود الأطعمة والملابس …. فالدين كذلك بل اهم واوجب .
ونسأل الله التوفيق والهداية
وكالة البيارق الإعلامية www.bayariq.net
bayariqmedia@gmail.com
المدير العام ورئيس التحرير
محمد توفيق أحمد كريزم