وكالة البيارق الإعلامية
«الهدف هو ذروة المتعة في كرة القدم»... هكذا يصف الروائي الأوروغواني إدواردو غاليانو في كتابه الشهير «كرة القدم بين الشمس والظل»، الأهداف في مباريات كرة القدم، ويمضي غاليانو في وصفه الأهداف عند تسجيلها: يسيطر الهذيان على الحشود وينسى «الاستاد» أنه من إسمنت فينفصل عن الأرض وينطلق سابحاً في الهواء.
وفي 54 مباراة لُعبت بالدوري السعودي للمحترفين حتى الآن، حضر 163 هدفاً بُمعدل تهديفي بلغ 3.2 في كل مباراة، وحضرت الكثير من النتائج الكبيرة في ظاهرة قد تبدو غير معتادة في الدوري السعودي الذي بات يشهد نقلة نوعية تاريخية في مشروع استقطاب اللاعبين.
وبدأت النتائج الكبيرة منذ الجولة الثالثة التي كسب فيها الاتحاد نظيره الرياض برباعية، وبالنتيجة ذاتها سجّل الهلال فوزه على الرائد في ليلة حضور الصربي ألكسندر ميتروفيتش، في حين انتصر النصر على الفتح بخماسية، توالت النتائج وكسب النصر نظيره الشباب برباعية نظيفة في الجولة الرابعة.
وفي الجولة الخامسة أوفى كلاسيكو الاتحاد والهلال بكامل الوعود وشهد سبعة أهداف للفريقين؛ إذ كسب الهلال المباراة برباعية مقابل ثلاثة أهداف، وهي الجولة ذاتها التي كسب فيها الفتح نظيره الأهلي بخماسية لهدف، وحقق النصر النتيجة نفسها أمام الحزم، في الوقت الذي كسب فيه التعاون نظيره الوحدة برباعية لهدف.
وسجل الهلال النتيجة الأعلى في الدوري حتى الجولة السادسة بعدما اكتسح الرياض بستة أهداف لهدف وحيد، في حين سجل الوحدة انتصاره على ضمك برباعية مقابل هدفين.
وعن حضور النتائج الكبيرة في الدوري السعودي، وهل ذلك دلالة قوة أم ضعف، وهل يعدّ تطوراً أم تأخراً؟ يوضح ماجد الشيباني، محلل الأداء والمدرب المرخص من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم: أعتقد بشكل أدّق هي دليل فوارق جودة بين الأندية بوضوح.
ويضيف الشيباني في حديثه: في كل الأحوال الدوري القوي والذي يكون بحالة فنية جيدة من علامته وجود ثلاثة إلى أربعة فرق تقود السباق بجودة نتائجها ولا يكون تقاربهم نقطياً بسبب تعثراتهم؛ لذلك أراها ظاهرة طبيعية.
وشهدت سوق الانتقالات الصيفية الحالية تهافت نجوم عالميين للمشاركة في الدوري السعودي ضمن مشروع ضخم يهدف إلى تحويل الدوري ضمن أفضل عشرة دوريات عالمية.
وعن نوعية اللاعبين في الفرق وهل باتت تلعب دوراً كبيراً في زيادة التهديف حالياً؟ يقول الشيباني: صحيح ومن دون شك، الدوري لم يعرف مهاجماً من نوعية كريم بنزيمة وألكسندر ميتروفيتش وفيرمينو ولا حتى لاعبي جناح حادين على المرمى مثل ساديو ماني ومالكوم ورياض محرز، مضيفاً: لاعبون بإنتاجية تهديفية رهيبة؛ لذلك هذا سبب رئيسي برأيي.
وتأخرت بعض الأسماء الهجومية اللامعة في الانضمام إلى الأندية خلال فترة الصيف وحتى مع بداية الدوري، مثل الصربي ألكسندر ميتروفيتش في الهلال، والنجم البرازيلي نيمار، وكذلك حبيب ديالو ويانيك كاراسكو في الشباب، وموسى بارو في التعاون وعبد الحميد صابيري في الفيحاء، والنيجيري إيغالو في الوحدة.
ويتوقع ماجد الشيباني استمرار حضور النتائج الكبيرة في الجولات القادمة من الدوري السعودي للمحترفين، موضحاً: عوامل ترجيح ذلك كثيرة، مثل انسجام النجوم الجدد مع فرقهم ومع طبيعة الدوري وأجوائه، مضيفاً: حتى الطقس سيتحسن ولن تُلعب جولات إضافية في طقس أصعب من البدايات التي تجاوزوها؛ لذلك المؤشرات أن النتائج الكبيرة ستكون سمة لهذا الموسم، مختتماً حديثه في هذا الجانب: الأمر من الممكن أن يتوازن مع توالي فترات تسجيل اللاعبين حينما يتم تدعيم الأندية المتوسطة بصفقات نوعية أيضاً.
وبعد ست جولات، أي الفرق التي بدأت أقوى هجومياً، ومن هو الفريق المتوقع تطوره «الهجومي» في الجولات القادمة؟ يوضح محلل الأداء السعودي ماجد الشيباني: الأقوى هجومياً هما الهلال والنصر، الفريقان يملكان حلولاً تهديفية متعددة وعدد مسجلين كبيراً.
وعن الفريق الأقرب للتطور هجومياً في الفترة المقبلة، يشير الشيباني: الفريق الذي أتوقع تحسنه هجومياً هو الشباب بعد إضافة كاراسكو وعودة كارلوس جونيور، الشباب كفريق يلعب كرة استحواذية ممتعة، لكن ينقصه حلول تهديف، وبحضورهما الآن أتوقع تطور الفريق في هذا الجانب بالذات لو تحسن مستوى ديالو كمهاجم؛ لأنه حتى الآن لم يعطِ التطمينات اللازمة للبناء عليه كمهاجم لفريق لديه غزارة في صناعة الفرص.
ويتصدر الهلال قائمة أكثر الفرق تسجيلاً للأهداف بعشرين هدفاً في الوقت الذي يليه الغريم التقليدي النصر بثمانية عشر هدفاً، ثم الاتحاد بستة عشر هدفاً، ثم الفتح بأربعة عشر هدفاً، وبعده الأهلي بثلاثة عشر هدفاً، وتتشارك أندية التعاون والاتفاق والوحدة بالرقم ذاته 11 هدفاً لكل فريق.
وينفرد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد فريق النصر بصدارة لائحة ترتيب الهدّافين برصيد سبعة أهداف، في حين يتقاسم وصافة الترتيب سالم الدوسري نجم الهلال والسنغالي ساديو ماني المنضم حديثاً إلى النصر برصيد ستة أهداف لكل منهما، وتزدحم القائمة بتقارب كبير بين اللاعبين في الرصيد التهديفي؛ إذ يحضر ثالثاً كل من عبد الرزاق حمد الله مهاجم الاتحاد، والصربي ميتروفيتش مهاجم الهلال وزميله في الفريق مالكوم، ومراد باتنا مهاجم الفتح.
وعن مسؤولية مدربي الفرق التي تستقبل شباكها أهدافاً كثيرة وهل لنوعية اللاعبين دور في ذلك؟ يقول الشيباني: الأمر مشترك من دون شك، جودة اللاعبين كمدافعين وحراس أقل حينما تقارنها بنجوم الصف الأول في العالم في الخطوط الهجومية؛ لذلك الكفة فردياً ترجّح للمهاجمين، مضيفاً: لكن المدربين لا يمكن تبرئة ساحتهم؛ لأن الدفاع أولاً منظومة، مدرب مثل سلافين بيليتش حينما اختار أن يلعب مباراة مفتوحة ضد النصر عوقب بخماسية، وعندما غير الرسم لخماسي دفاع ضد الأهلي كسب بخمسة؛ لذلك التكتيك عامل مهم لتقليص الفوارق الفردية.
أكتب تعليقك هتا