نهاد الحديثي - العراق
في آخر إحصائية شهرية عن حالات الزواج والطلاق في العراق، نشرها مجلس القضاء الأعلى، بلغ عدد الزيجات الجديدة قرابة 23500 حالة زواج، فيما بلغ عدد حالات الطلاق بينها نحو 6250 حالة طلاق، بنسبة تقارب 30 في المئة من إجمالي عدد حالات الزواج التي تمت خلال شهر واحد فقط, وهي ظاهرة تعصف بالمجتمع العراقي، وتؤثر سلبا على أمنه واستقراره ,ينجم عنها التفكك الآسري, وازمات ومشاكل حادة ,ولكن دموع ما بعد الطلاق يمكن أن يكون بعضها دموع فرح، حينما يكون الطلاق انتصارا للمرأة بمواجهة قمع أو ظلم رجل، ولكن أغلبها ليس كذلك، بعض المطلقات يوفرن عددا لا بأس به من الفخاريات لتهشيمها بعد سماع خبر الطلاق واحتفالا به على الطريقة اليونانية!, بعضهن يجهشن بالبكاء ولا يوارين الحزن،
وتقول باحثة اجتماعية: بكاء المرأة عند الطلاق يكون كبكاء الطفل الوليد عند خروجه للحياة، فالمرأة المطلقة والطفل الوليد يكونان في حالة استقبال أحوال وعوالم جديدة لم يألفاها بل ويخشيان توابعها، ولهذا يستقبلان هذا المستجد الغريب بالبكاء، كما أظن أيضا أن المطلقة تبكي لأن شعاع الآمال والتمنيات والأحلام التي كانت قد بنتها من قبل قد انقطع، وأن الأحلام قد باءت بفشل ذريع، وهي لا تدري أنه يمكن تجديد هذه الآمال في قادم الأيام من عدمه، كما أظن أيضا أنه ربما يكون سبب البكاء أن الطلاق في حد ذاته نوع من الإهدار وعدم الاعتراف بأنوثتها، وأن رجلا لفظها وألقى بها على قارعة الطريق وهي التي كانت تظن ذات يوم استحالة حدوث هذه الدراما الداكنة، ثم إن المرأة المطلقة تبكي عند الطلاق رغم رغبتها السابقة فيه، لأن الطلاق انتقص من أسهمها في فرص الزواج، وأعاد إليها عذابات انتظار رجل يطرق الباب ثانية، فضلا عن نظرة بعض المجتمعات العربية الظالمة إلى المطلقة، وهي نظرة تضع جميع المطلقات في سلة واحدة وتحملهن المسؤولية في الطلاق، وأحيانا تحكم عليهن بحيز اجتماعي ضيق يبعث على الضجر والسقم، ولهذا فإن المطلقات لسن منطلقات، وبعضهن ينضممن قسرا إلى معدلات العنوسة في المجتمع، لأن بعضهن يصبن بعقد مريرة من أول زواج، ولا يفكرن في تكرار التجربة، وبالخصوص المطلقات الأمهات اللواتي رزقن بأطفال خلال زواج لم يستمر، واللواتي يضطررن إلى عدم الزواج ثانية ويصرفن حياتهن على تربية الأبناء، فحينما تتحتم المقارنة لدى بعض الأمهات المطلقات بين «متطلبات الأنا» و«مقتضيات الأمومة» تنتصر الأمومة على كل ما عداها، ولكن رغم ذلك صدمت حينما عرفت أن هناك إحدى المدارس الخاصة بمجتمع عربي لا تقبل أطفال المطلقين على الإطلاق، وتشترط هذه المدارس أن يكون الأطفال في أسرة سعيد لم تشب فيها نيران الطلاق، وأسباب هذه المدارس في ذلك يطول شرحها,
معدلات الطلاق تزداد بشكل مهول ومخيف في الآونة الأخيرة، والسبب الأساسي هو العنف
الآسري ، كما هو مدون لدى مجلس القضاء الأعلى، فضلا عن الزيجات القسرية والزيجات المبكرة للقاصرات، فهذه الأسباب الثلاث الرئيسية هي التي تقف خلف غالبية حالات الطلاق,واغلبها تتم خارج المحاكم , وتلك الحالات يدفع ثمنها بالدرجة الأولى هم الأطفال، الذين هم أكبر ضحايا كارثة الطلاق، فالسيدة المطلقة مثلا، تستطيع تدبير أمورها والبدء بحياة جديدة، لو قامت بتقوية شخصيتها مع أن مجتمعنا مع الأسف لا يشجع على إثبات النساء لذواتهن، وهكذا تفرز حالات الطلاق قنابل موقوتة، لعل من أبرز نماذجها أطفال الشوارع، الذين هم في غالبهم ضحايا نتاج طلاق آبائهم، حيث يقعون بسهولة ويسر في فخاخ العصابات الإجرامية والدعارة والسرقة، وبيع الأعضاء البشرية والمتاجرة بهم
أذن - الرجولة لا تعني ممارسة العنف ضد المرأة , ، وأنك كرب أسرة ليس بالضرورة ان تكون صارما وعبوسا في تعاطيك مع شريكة حياتك ومع أطفالك، لا بد من توعية المجتمع بحقوق المرأة , وليفهم الرجال الزواج يحتاج لتوافق وتفاهم وتقارب فكري، وانسجام في العادات والتقاليد، بغض النظر عن الاعتبارات العاطفية،كفى النظرة السائدة بأن المرأة خلقت كعاملة منزلية أو منجبة ومربية أطفال, الطلاق ليس نهاية العالم بل قد يشكل بداية جديدة وواعدة، لكن لنعترف أن الغالبية العظمى من المطلقات يعانين الأمرين من بعده، ويعشن حياة مليئة بالمصاعب والضغوطات الخانقة الذاتية والموضوعية
أكتب تعليقك هتا