....من العصورو بقدرات الذات الانسانية و مجهوداتها في شتى الميادين..و قد نرى أن هذه المظاهر متوفرة في البلدان العربية مما يدفعنا للفخر والتفائل..فهل يكفي كل هذا لكي ترتقي البلدان العربية الى المستوى المطلوب من التطور...
يرتكز كل بلد على مؤسسات كبرى و مؤسسات صغرى...و هذه المؤسسات لا تشغل موظفين ومحاسبين و سكريتيرات فقط بل أيضا عاملات تنظيف...فالموظف أو صاحب المؤسسة أو الشركة لا يمكن له أن يبدأ يوم عمله الا اذا توفرت الظروف المريحة لمكتبه من نظافة و عناية..و تهوئة تقوم بها عاملة تبذل الجهد و تتفانى في عملها...و لكن قبل أن تكون هذه المرأة عاملة فهي أيضا انسانة تسترزق من عملها و لا فرق بينها و بين الموظفين اللذين تخدمهم الا سنواتها الضائعة التي لم تمكنها من نيل شهادة تجعلها وراء المكتب لا أمامه أو تحته تنظفه وترتبه...هذا هو الفرق الوحيد..فما الذنب الذي يجعل هيأتها مبعثرة و لباسها ممزقا متدليا و تغشى وجهها غيمة حزن و يقوس ظهرها الشعور بالاذلال!!!!لماذا تبرز لنا العاملة بقدمين مشققتين و خف بلاستيكي جد متواضع...ففي البلدان الغربية المتقدمة نشاهد العاملة- المنظفة- ترتدي ثوب عمل لائق ما يسمى ب"اليونيفورم" متكونا من سترة بيضاء او حمراء ...من قفازات.....من حذاء خفيف يسهل عملها فتشعرأنها كغيرها من الموظفات انسانة فاعلة في المجتمع و-لم لا-فانه يحق لها أن تشعر ايضا بالثقة في النفس وبأنها تنعم بوظيفة محترمة تكسب منها لقمة عيشها دون احتقارأو وضاعة...كما هو الشأن بالنسبة للخادمات في البيوت..فكونهن يخدمن ربات المنازل فهذا لا يعني أنهن جاريات أو عبيد بل ان الكثير من ربات البيوت لا يمكنهن الاستغناء عن الخادمات ففي كثير من الأحيان تعجز ربة البيت دون وجود خادمتها فهل يمكننا القول أن ربة البيت انقلبت الى عبدة للخادمة!!! أليس هذا هو المنطق...ان تطور المجتمعات ذو وجوه متعددة....لابد للمجتمعات العربية ان تغير النظرة الوضيعة لمنزلة الخادمة او العاملة فلا بأس أن ترفع رأسها وأن تمنحها الشكل الذي يشعرها بانسانيتها و قيمتها ....وأن تبرزها في زي محترم وعملي اكثر يعطي صورة مشرفة ومظهرا لائقا...فصورة المجتمعات تكمن في كل مجالاتها واشخاصها ... ان مظهر التطور ليس فقط في الابنية والحدائق والمطاعم الفاخرة..بل في أمور عديدة منها ما يبدو عاديا وتافها ولكنه على درجة من الأهمية القصوى...و هو مظهر من مظاهر التقدم أيضا..فالتلفزيون مثلا الذي هو من بين أكثر وسائل الاعلام اقبالا في العالم و خاصة مع البرمجة الفضائية و الذي يلتف فيه الكون في شكله المربع قد تفانى في ابراز شوارع وأزقة نظيفة و حافلات لامعة و شعب منظم...و عاملات أنيقات..و أعمال درامية كاذبة تظهر فيها السجون بمدافىء مركزية ..و ملايا ناصعة البياض..فلنجعل من هذه الأكاذيب حقائق انه ليس بالأمر العسير!!!اننا نشاهد العالم الان يعيش ثورات سياسية تهتف بالتغيير والاصلاح و الاطاحة بالأنظمة الاقطاعية ..فكيف السبيل الى الاطاحة بها و فكرة الاقطاع والنظرة السلبية للمرأة بصفة عامة والمرأة- العاملة-بصفة خاصةلا تزال تقبع في تجاويف العقل و ثغرات الفكر
وكالة البيارق الإعلامية www.bayariq.net
bayariqmedia@gmail.com
المدير العام ورئيس التحرير
محمد توفيق أحمد كريزم